الفصل الخامس
التفسير في ضوء التمدن الإسلامي
منذ أن أنزل الله سبحانه كتابه القرآن الكريم على رسوله محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والمسلمون يرجعون إليه تلاوة وفهما ودراسة تحليلية يدل ذلك كله على مقدار اهتمامهم بهذا الكتاب العظيم.
ولكن البلاد الإسلامية مرت بفترات اضطراب أدت إلى ركود وجمود في الحركة العلمية إجمالا. وكان آخر ما تعرضت له المنطقة الإسلامية الغزو الثقافي الذي خلف الاستعمار العسكري في المنطقة يمثله التبشير والاستشراق الذي أدى لإنماء التعليم العلماني في المنطقة ، فظهر على أثر ذلك الحركة العصرية في العلوم الدينية التي تحاول جهدها التوفيق بين العلوم الإسلامية وبين المفاهيم والثقافة الغربية. وكان على رأس من تبنى هذه الحركة السيد أحمد خان بهادر في الهند ، وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده في مصر ، ولا يعني هذا أن كلا المدرستين لم يكن لهما جوانب إيجابية ولا تأثير واضح على النهضة العلمية الإسلامية عامة والتفسيرية خاصة.
فمن جوانب الحركة التفسيرية العصرية الإيجابية إنماء روح الابتكار التي شهدتها هذه الحركة ، والتركيز على جانب الهداية الربانية التي من أجلها أرسل الله الرسل ، فلبس التفسير في هذا العصر ثوبا أدبيا اجتماعيا جميلا أظهر روعة القرآن الكريم. وقد اقتصر التفسير في هذه الفترة على الضروري مع مراعاته لمستوى القارئ من كل الفئات. والمدرسة العصرية المصرية أكثر سلامة وأقل انحرافات في مسيرتها من المدرسة العصرية الهندية التي ابتعدت كثيرا في مسيرتها عن طريق أهل السنة والجماعة عقيدة وفهما لكتاب الله سبحانه وسنة نبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقد