تستجن عن إدراك الحواس ، وإن كانت من الإنس فهي متجسدة مستأنسة بالأجساد حاملين على ذلك قوله تعالى : (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً)(١).
وهؤلاء الفلاسفة النظار لم ينقل لنا عنهم تفسير كامل للقرآن الكريم ، وإنما فهوم قرآنية لآيات متفرقة وجدت مفرقة في كتبهم التي ألفوها في الفلسفة وأكثر من وجدنا له منهم أثرا في التفسير الرئيس «أبو علي بن سيناء» إذا عثر له على تفسير لسور الإخلاص والمعوذتين وآيات أخر متفرقات (٢).
فالملاحظ على هذه الفرق الباطنية عموما والصوفية النظريين والفلاسفة خصوصا متفقون على تعطيل الشريعة ، وهدم مقاصد القرآن ، وتحويل ظاهره وحقائقه لرمز وإشارات وأسرار ومعميات خصهم الله بمعرفتها وبالاطلاع على أسرارها دون أحد من خلقه ، وهذه الأفهام كما رأينا بتأثير الفلاسفة عليهم الوثنيين منهم وأصحاب الكتاب خاصة أفلاطون بمذهبه المثالي أو فيلون وأرويجن الكتابي.
أما حرص «جولد تسيهر» على إظهار مثل هؤلاء الصوفيين ، فلإظهار التناقض والتعارض في فهم الكتاب وإخضاعهم لفظ القرآن لسلطانهم وإبراز هؤلاء المعطلة والملاحدة بمظهر أصحاب الفكر الحر واسعي الإدراك والاطلاع.
__________________
(١) سورة الأنعام : ١١٢.
(٢) التفسير والمفسرون ٢ / ٤٢١ ـ ٤٣١.