٤ ـ أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دعا لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ قائلا : «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل».
ولو كان التأويل مقصورا على السماع والنقل لما كان هناك فائدة في تخصيص ابن عباس بهذا الدعاء. فدل ذلك على أن التأويل الذي دعا به الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لابن عباس أمر آخر سوى السماع والنقل وذلك هو التفسير بالرأي والاجتهاد.
٥ ـ حث القرآن على التعمق بالفهم فقال تعالى : (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً)(١).
قال المفسرون : إن الحكمة المقصودة في هذه الآية هي فهم القرآن الذي ينبغي أن يحرص على إدراكها القادر عليها ، لأن الآية اعتبرت فهم القرآن خيرا ينبغي الحرص على فهمه (٢).
وما أحسن قول الإمام «الراغب الأصفهاني» حيث قال : «فمن اقتصر على المنقول إليه فقد ترك كثيرا مما يحتاج إليه ، ومن أجاز لكل أحد الخوض فيه فقد عرضه للتخليط ولم يعتبر حقيقة قوله تعالى (لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٣) فالتفسير بالرأي اجتهاد ، والاجتهاد جائز في الشريعة ، فالتفسير بالرأي جائز. لأن التفسير بالرأي يعني الاجتهاد في فهم القرآن وإدراك معانيه واستنباط الأحكام منه. كما أن الاجتهاد في الشريعة بضوابطه دلت عليه نصوص كثيرة ، والمجتهد مأجور أصاب أو أخطأ. وبهذا يكون الاجتهاد بفهم القرآن جائزا وهو التفسير بالرأي (٤).
هذه الأدلة بمجموعها تدل على أن التفسير بالرأي الموافق لكلام العرب
__________________
(١) سورة البقرة : (٢٦٩).
(٢) دراسات في التفسير ورجاله ص ٤٥.
(٣) سورة ص : (٢٩).
(٤) هذه من تعليقات أستاذي الشيخ مناع القطان أثناء جلسة مناقشة الرسالة.