وقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ
عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها). حث الله في هذه الآية على تدبر القرآن والاعتبار به.
والتدبر يقتضي التفكير والنظر في معانيه ، وهذا معنى التفسير بالرأى ، فتكون هذه
الآية قد حثت على التفسير بالرأي.
٢ ـ أن القرآن
يحتوي على جميع علوم الدين ، بعضها بطريق العبارة ، وبعضها بطريق الإشارة ،
والثاني يحتاج إلى التعمق في الفهم ولا يكفي الوقوف عند ظاهر الآيات والتوقف مع
المأثور.
فلا بد من القول
فيه بالعقل والتفكر لبيان معنى ، واستنباط حكم ، وتفسير لفظ ، وفهم مراد لم يقف
عنده السابقون لعدم الحاجة إليه في عصرهم.
فإن توقفنا مع
المأثور من التفسير فقط تتعطل هذه الأحكام والمعاني وهذا لا يكون إلا بالتفسير
بالرأي .
٣ ـ فسر الصحابة
القرآن ، واختلفوا في تفسيره على وجوه ولم يسمعوا كل شيء قالوه من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بل هناك من
الأقوال ما سمعوه منه وهناك ما اجتهدوا فيه ، واختلف المفسرون في بعض الآيات
فقالوا فيها أقاويل متباينة لا يمكن الجمع بينها ، وسماع جميعها من الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ محال. ولو كان
بعضها مسموعا وبعضها غير مسموع لوجب رد غير المسموع ، إذا لا بد أن كل مفسر قال
بما هداه إليه استنباطه ، ومن أمثلة ذلك اختلاف المفسرين في تفسير فواتح السور.
ورسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ لم يبين إلا ما
لا يوصل إلى علمه إلا به ، ودعت الحاجة إليه ، وترك كثيرا مما يدركه باب الاجتهاد
باجتهادهم. فلم يلزم في جميع تفسير القرآن التوقيف.
__________________