وقال في مثل آخر : «قلوبكم كالحصاة التي لا تنضجها النار ، ولا يلينها الماء ، ولا تنسفها الرياح ..» إلخ (١).
والآن سأبين فساد فهم «سال» للمقصود بالآية الكريمة وأوضح أنه لا فساد فيها.
قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها ..) فبالنسبة للأمر الأول الذي أثاره «سال» ليس بالضرورة أن يكون هناك مثل مضروب في البعوضة لأن المقصود بضرب المثل أن يبين الله سبحانه ما في المضروب من أسرار وحكم. فكما هي موجودة في المخلوق العظيم هي موجودة كذلك في المخلوق الصغير. وفيها دلالة على عظم قدرة الله سبحانه فسبب نزول الآية أن الله سبحانه أراد أن يبين أنه لا يترك ضرب المثل بالبعوضة ترك من يستحي أن يتمثل لها لحقارتها.
أو يجوز أن تكون هذه العبارة وقعت في كلام الكفرة حيث قالوا : أما يستحي رب محمد أن يضرب مثلا بالذباب والعنكبوت؟ فجاءت على سبيل المقابلة وإطباق الجواب على السؤال (٢).
أما الأمر الثاني :
أنه كان الأوجه أن يقول (فما دونها).
فالجواب من وجهين :
أحدهما :
أن يكون المراد فما هو أعظم منها في الجثة كالذباب والعنكبوت والحمار والكلب ولكن هذا القول رده العلماء وضعفوه.
__________________
(١) التفسير الكبير ١ / ١٤٦.
(٢) الكشاف ١ / ٢٦٣.