يتبادر إلى أذهان بعضهم أن هذا كله يأتي من عند نفسه وبخاصة أنها من النوع الذي لا تماثله أفعال الناس ولا تقدر عليه طاقاتهم فكان تكرار هذه الكلمة «بإذني» إزالة الوهم.
لأن عيسى ـ عليهالسلام ـ لم يأت بشيء من خوارقه إلا بإذن الله سبحانه وبتمكينه من ذلك.
إلا أن هذه النكات البلاغية والدقائق اللغوية والأساليب البيانية بعيدة عن حسن الملاحدة لا يستشفها إلا المعايشون لهذه الأساليب القرآنية المعتقدون بالهدايات الربانية منها.
أما الحاقدون المحجوبون عن نور الهداية فلا يفقهون إلا ظاهرا من القول.
والمثال الثاني :
استشهد «سال» بقوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا. ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا. وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)(١).
وزعم أنه كرر قوله : (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) مرتين «و (اتَّقَوْا») ثلاث مرات بلا ضرورة (٢).
الجواب :
وقف العلماء عند تكرار هذه العبارات وقفات ، مبينين فيها النكتة البلاغية في هذا التكرار.
أما تكرار (العمل الصالح) وذلك لإبراز أهميته. حيث قرر في الآية أن المؤمنين لا جناح عليهم في أي شيء طعموه من المباحات إذا ما اتقوا المحارم وثبتوا
__________________
(١) سورة المائدة : (٩٣).
(٢) أسرار عن القرآن ص ٧٩.