وقال فيها أيضا : (لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ)(١) وهذا حظر صريح عن إكراه الناس على الدخول في دين لا يريدون الدخول فيه.
فنقض ذلك بقوله في سورة آل عمران : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)(٢).
وبقوله في سورة براءة (٣) وسورة التحريم : (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)(٤).
وبقوله في سورة البقرة : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ)(٥) والمراد بالفتنة هنا كل دين خالف الإسلام (٦).
الجواب :
هذه الآيات جميعها لا تناقض بينها وإنما تسير مع مرحلية الإيمان والجهاد فالآية الأولى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ....) الآية. تدل على أن العبرة بحقيقة العقيدة لا بعصبية جنس أو قوم ، وذلك طبعا قبل البعثة المحمدية أما بعدها فقد تحدد شكل الإيمان الأخير وهو الإيمان برسالة سيدنا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وقبول الدين الذي جاء به وهو الإسلام وعدم اختيار غيره وهذا ما قررته سورة آل عمران التي أشار لها «سال» وهي قوله تعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ..) وذلك لأن دينه ناسخ لما قبله من الأديان ، ورسالته خاتمة الرسالات ، لذا قرر سبحانه أن لا قبول لدين ولا لمعتقد بعد رسالة الإسلام إلا للإسلام فلا تعارض إذن بين الآيتين. فالأولى شكل الإيمان قبل البعثة المحمدية
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٥٦.
(٢) سورة آل عمران : ٨٥.
(٣) سورة براءة : ٧٣.
(٤) سورة التحريم : ٩.
(٥) سورة البقرة : ١٩٣.
(٦) أسرار عن القرآن ص ٦٢.