ويترتب على هذا الكلام أن الله نجى فرعون من الغرق فنقض ذلك بقوله في سورة الإسراء (فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً)(١) وبقوله في سورة القصص (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِ)(٢).
فالآية تدل على نجاة فرعون من الغرق بعد ما أشرف عليه حتى يكون آية لمن خلفه من المصريين وهذا هو المعنى الذي أراده القرآن وإن كره المفسرون الذين فسروه أنه ألقى بدنه مجردا من الروح على نجوة ليكون آية لبني إسرائيل ..](٣).
الجواب :
هذه الآيات ليس بينها شيء من التناقض فآيتا سورة الإسراء والقصص صريحتان في موت فرعون غرقا ، أما الآية الثالثة التي وقع فيها اللّبس بالنسبة ل «سال» فهي موافقة لما في الآيتين من المعنى فهذه الآية جاءت لتصور ما كان في نفوس بني إسرائيل لفرعون من مكانة ومهابة حتى إنهم تصوروا أنه لن يغرق لأنه رب ـ على حد زعمه ـ ولم يصدقوا غرقه حتى شاهدوه بأعينهم مقذوفا من البحر على مرتفع من الساحل فكان في ذلك أبلغ العبرة لنصرة الله لهم ، وتأييده للمؤمنين (٤).
فالآية إذن لا توافق فهم «سال» وتعسفه في تفسير النص فيكون معنى (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ) أي علامة لمن وراءك من بني إسرائيل لأنه طرح على ممرهم من ناحية البحر.
وإذا كان النصارى يمرون بقصة غرق فرعون بصمت ، فإن التوراة قد أشارت لموته فقد جاء في سفر الخروج : [.. فإن ضل فرعون دخلت بمركباته
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٠٣.
(٢) سورة القصص : ٤٠.
(٣) أسرار عن القرآن ص ٣٦.
(٤) الكشاف ٢ / ٢٥٢.