وهؤلاء العلماء أصحاب هذا الرأي مجمعون أن هذه الكلمات لا تخرج القرآن في تراكيبه وأساليبه عن العربية. ولم تخرجه عن كونه بليغا فصيحا معجزا بل لا يستطيع أحد أن يستخدمها بأسلوب القرآن كما استخدمها القرآن الكريم (١).
أما الرأي الثاني فهو يرى أن هذه الكلمات عربية في أصلها ونشأتها ، تواردت عليها اللغات ، والتشابه بينها لأن أمها واحدة وهي السامية ، ويؤيد هذا القول أن جرس الكلمات في العربية يختلف عنه في اللغات الأخرى ومن هؤلاء العلماء القائلين بهذا الرأي الإمام الشافعي وابن جرير الطبري ، وأبو عبيدة والقاضي أبو بكر وابن فارس ، وابن عطية ، ومن أقوالهم في هذا الشأن :
قال أبو عبيدة : فمن زعم أن في القرآن غير العربية فقد أعظم القول. وقد نص على هذا القول الإمام الطبري في مقدمة تفسيره ودافع عنه بقوة.
أما بالنسبة للتشابه في الأعلام بين لغات العالم فلا تصلح دليلا للقائلين بوجود كلمات غير عربية في القرآن الكريم.
كما أن هناك كلمات كثيرة ذكر بعضهم أن أصلها سرياني ، أو حبشي أو نبطي أو غير ذلك مع أن لها أصلا في الاشتقاق العربي.
من ذلك كلمة إبليس فهي مشتقة من مادة (بلس) بمعنى يأس وانقطع من الرجاء. قال تعالى : (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ)(٢) أي آيسون انقطع رجاؤهم.
وقد رد قول ابن جرير ابن عطية وقد وضح رأيه في هذه المسألة وكان رأيا يمتاز بالدقة والمنهج العلمي حيث قال : [والذي أقوله إن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا
__________________
(١) قضايا قرآنية ص ٩٥ ـ ٩٦ ، ومعترك الأقران في إعجاز القرآن ـ للسيوطي ١ / ١٩٥ وما بعدها.
(٢) سورة الأنعام : ٤٤.