بطريقة عشوائية والذي يدل على ذلك ويؤكد صحته ختم آياته بفواصل وضعت لغير حكمة ولا فائدة وإنما وضعت لتتميم السجع والقافية للآيات (١).
الجواب :
الفواصل : حروف متشاكلة في المقاطع توجب حسن إفهام المعاني والفواصل بلاغة ، والأسجاع عيب. وذلك أن الفواصل تابعة للمعاني ، وأما الأسجاع فالمعاني تابعة لها وهو قلب توجبه الحكمة في الدلالة (٢).
وفواصل القرآن كلها بلاغة وحكمة لأنها طريق إلى إفهام المعاني التي يحتاج إليها في أحسن صورة يدل بها عليها.
والفواصل على وجهين : أحدهما على الحروف المتجانسة كقوله تعالى : (طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)(٣).
والآخر على الحروف المتقاربة فكالميم من النون كقوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٤) وإنما حسن في الفواصل الحروف المتقاربة. لأنه يكتنف الكلام من البيان ما يدل على المراد في تمييز الفواصل والمقاطع ، لما فيه من البلاغة وحسن العبارة.
وأما القوافي فلا تحتمل ذلك لأنها ليست في الطبقة العليا من البلاغة. وإنما حسن الكلام فيها إقامة الوزن ومجانسة القوافي فلو بطل أحد الشيئين خرج عن ذلك المنهاج ، وبطل ذلك الحسن الذي في الأسماع ، ونقصت رتبته في الأفهام.
والفائدة في الفواصل دلالتها على المقاطع ، وتحسينها الكلام بالتشاكل وإبداؤها في الآي بالنظائر (٥).
__________________
(١) انظر قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية ص ٨٢.
(٢) ثلاث رسائل في إعجاز القرآن للرماني والخطابي وعبد القاهر الجرجاني ص ٨٩.
(٣) سورة طه (١ ـ ٣).
(٤) سورة الفاتحة (٢ ـ ٣).
(٥) ثلاث رسائل ص ٩٠ ـ ٩١.