وأما النبات البقلى فكثير منه لا ساق له منتصب ولا مستند ، إنما (١) هو ورق لا غير وأصل كالخس والحمّاض والسّلق. وذلك بحسب (٢) أغراض للطبيعة (٣) تجتمع مع اقتضاء (٤) المواد وطاعتها ، ومع مصالح تنضم إلى الأغراض يحتاج إليها (٥) فى الأغراض. فإن من النبات ما الغرض الطبيعى فى عوده وساقه ، ومنه ما هو فى أصله ، ومنه ما هو فى غصنه ، ومنه ما هو فى قشره ، ومنه ما هو فى (٦) ثمره وورقه ، ومنه ما للطبيعة فى كل جزء منه غرض ، أو فى بعضه. وإذا وقف الغرض على شىء واحد من هذه الجملة ، وكانت المادة المحتاجة فى تكوينه لا يضطر جذبها (٧) إلى استصحاب فضل عليها ، وكان تكوين (٨) ذلك النبات لا يحوج إلى حدوث أعضاء له غير (٩) الغرض ، قنعت الطبيعة بتكوين المقصود. وإلا لم يكن بد من تكون غيره معه. إما لضرورة ، (١٠) وإما لمصلحة.
ولما كان الشىء الصلب لا يجد غذاء شبيها به دفعة بلا تدريج ، لأن الغذاء كما علمت يجب أن يكون رطبا ، حسن القبول للتشكيل ، (١١) فبينه وبين الصلب مدة ودرجات ؛ (١٢) فلم يكن بد من أن يكون بين الغذاء وبين الخشبية من الأشجار جرم (١٣) أسخف جوهرا ، يسهل (١٤) فيه نفوذ الغذاء إلى أجزاء المغتذى ؛ ووجب أن يمتد فى جميعه امتداد المخ فى العظام ، ووجب أن يقع فى الوسط لتكون القسمة الصادرة عنه عادلة. وهذا هو اللباب الموجود فى الأشجار الخشبية.
وأما الأشجار الخرعة الضعيفة القوام المتخلخلة الحجم ، فإنها لا تحوج إلى ذلك. وما كان غرض الطبيعة فيه منه أن يعظم حجمه ويطول قده فى مدة قصيرة ، امتنع أن يكون صلبا. فإن الصلب يحتاج إلى مادة عاصية ومدة طابخة ؛ والتصرف فى مثلها يحوج إلى طول زمان. فكان غير صلب ، (١٥) بل متخلخلا رطبا (١٦) خفيفا. وكل ما كان منها أطول
__________________
(١) إنما : وإنما ط (٢) بحسب : بسبب ط
(٣) للطبيعة : الطبيعة ط
(٤) اقتضاء : اقتضاب ب ، م ؛ اقتضا ت ط
(٥) إليها : إليهما م. (٦) فى (الثالثة) : من م.
(٧) جذبها : إلى جذبها ط
(٨) تكوين : تكوينها د ، سا ، ط ، م.
(٩) غير : عن م.
(١٠) لضرورة : الضرورة ط.
(١١) للتشكيل : للتشكل ط.
(١٢) ودرجات : درجات م.
(١٣) جرم : حزم سا ؛ + هو ط
(١٤) يسهل : ليسهل ط.
(١٥) صلب : صليب م
(١٦) رطبا : رطيبا سا.