وفى مقدمته «كتاب النبات» المنحول والذي يرجح أنه من وضع نقولا الدمشقى (القرن الأول ق. م) ، وكتاب «أسباب النبات» لتيوفراسطس ، خليفة أرسطو والنباتى الأول بين اليونان (١) ، و «كتاب الحشائش» لديسقوريدس (٢). وأضاف إليها قسطا بن لوقا (٩٠٠) ، أحد كبار المترجمين عن اليونانية والسريانية ، كتابا من وضعه هو «الفلاحة اليونانية».
والنبات عند ابن سينا أحد أجزاء العلم الطبيعى ، وهو القسم السابع على نحو ما عدّه الفارابى (٩٥١) «فى «إحصاء العلوم» (٣). ولذا وقف عليه الفن السابع من طبيعيات «الشفاء» ، وتدارك به ما فات الفلاسفة الإسلاميين الطبيعيين السابقين ، وعلى رأسهم الكندى (٨٧٣) والرازى (٩٢٥).
ويظهر أن النبات لم يدرس فى البداية لذاته ، وإنما قصد إلى تعرّف أسراره السحرية والطبية ، وجمع الأعشاب سابق على الدراسات النباتية فى الحضارات القديمة على اختلافها. وطب أبقراط بوجه خاص ، فى الحضارة اليونانية ، مدين فى قدر منه لما أمدّه به جامعو الأعشاب من بيانات عن خصائص البذور والجذور. وإذا كان ابن سينا قد عرض للنبات فى «الشفاء» فإنه لم يهمله فى «القانون» (٤) ، وآراؤه فى كليهما يكمّل بعضها بعضا.
ويحاول فى هذا الجزء الذي نقدّم له أن يعرض ، كعادته ، آراءه فى وضوح ودقة ، وترتيب وتنسيق. يعالج القضايا الكبرى والمسائل الرئيسية ، دون وقوف
__________________
(١) ابن النديم ، الفهرست ، القاهرة ١٣٤٨ ه ، ص ٣٥٣.
(٢) المصدر السابق ص ٤٠٧ ـ ٤٠٨.
(٣) الفارابى ، إحصاء العلوم ، القاهرة ١٩٣١ ، ص ٦٠.
(٤) ابن سينا ، القانون ، القاهرة ١٢٩٤ ه ، «الكتاب الثاني فى الأدوية المفردة».