تصدير
للدكتور إبراهيم مدكور
ها هى ذه ثمرة أخرى من ثمار عقلية ابن سينا الشاملة وعبقريته الجامعة ، وكأنه لم يدع بابا من أبواب المعرفة فى عصره إلا طرقه. وما أشبهه فى هذا بأرسطو ، وربما زاد عليه ، والكتاب الذي بين أيدينا شاهد على ذلك ، فإنه لم يصلنا شىء مما كتبه الفيلسوف اليونانى فى النبات ، برغم أنه كانت فى اللّوقيوم دراسات نباتية. أما كتاب «De Plantis الذي يعزى إليه ، والذي لم يعرف إلا عن طريق اللاتينية ، المأخوذة عن العربية ، والترجمة حديثا فى طبعة بيكر إلى اليونانية ، فمن المحقق أنه منحول ، وإن اشتمل على آراء أرسطية ومشائية. وأغلب الظن أن أرسطو ، أبا التاريخ الطبيعى وعلم الأحياء ، لم يعن بالنبات كثيرا (١).
نشأ ابن سينا (١٠٣٧) فى العصر الذهبى للعلوم الإسلامية ، ووجد أمامه دراسات نباتية أفاد منها وأخذ عنها. ويرجع بعضها إلى أصل عربى ، مثل «رسالة النبات والشجر» للأصمعى (٨٢٨) ، و «كتاب النبات» لأبى حنيفة الدينورى (٨٩٥) ، أو إلى أصل مختلط ، مثل «الفلاحة النبطية» لابن وحشية (٨٠٠). وهو كتاب غريب فيه معلومات عن بعض النباتات وأماكن نموها ، مع قدر من الخرافات والأقاصيص ، مستمد فى الغالب من أصول سامية ، ثم ترجم فيما ترجم إلى اللغة العربية عن السوريانية. ومنها ما يرجع إلى أصل يونانى ،
__________________
(١) G. Serton, A. Hietory of Science, cambrigo ١٩٥٢, t ١, p. ٥٤٨