الفصل الرابع
(د) فصل (١)
فى الرياح
وقد حان لنا أن نتكلم فى أمر الرياح ، فنقول : كما أن المطر وما يجرى مجراه إنما يتولد عن البخار الرطب ، فكذلك الريح وما يجرى مجراها تتولد عن البخار اليابس الذي هو الدخان. ويتولد عنه على وجهين : أحدهما أكثرى والآخر أقلى. أما الأكثرى فإذا (٢) صعدت أدخنة كثيرة إلى فوق ، ثم عرض لها أن ثقلت فهبطت (٣) لبرد أصابها ، أو لأنها (٤) قد حبستها (٥) حركة الهواء العالى عن النفوذ ، فرجعت تارة مطيعة لحركة ذلك الهواء فى جهة ، وتارة فى جهة أخرى. وذلك أنه ليس يلزم فى المندفع تارة مطيعة لحركة ذلك الهواء فى جهة ، وتارة فى جهة أخرى. وذلك أنه ليس يلزم فى المندفع الى فوق ما ظنه بعض المتشككين (٦) أنه إذا ضغط (٧) من فوق إلى أسفل بحركة معارضة ، يكون لا إلى أسفل ، بل إلى جهة أن يلزم تلك الجهة. فربما أوجبت هيئة صعوده وهيئة لحوق المادة به أن ينكس إلى خلاف جهة المتحرك المانع ، (٨) كالسهم يصيب جسما متحركا إلى جهة (٩) فيعطفه تارة إلى جهته ، إن كان الحابس كما يقدر على (١٠) صرف المتحرك عن متوجهه ، يقدر أيضا على صرفه الى جهة حركة نفسه ، وتارة إلى خلاف تلك الجهة ، إذا كان المعاوق يقدر على الحبس ولا يقدر على الصرف.
فلهذا السبب ما توجد الريح بعد صعودها مائلة فى حركتها النازلة إلى جانب وجانب ، وربما اضطرها أيضا إلى ذلك هيئة ما يتصعد من (١١) تحت ، فخصص (١٢) لها ذلك جانبا ؛ ومنعها من أن تنزل سافلا على الاستقامة ، وهذا الجنس من الرياح فى أكثر الأمر تتحرك قبلها سحب ، ثم تهب هى. وكثيرا ما رأينا الأبخرة والأدخنة المتصعدة من الأتونات وما يجرى مجراها ، يعرض لها أن تنزل من أقصى الجو بعد ارتفاعها ، والجو سجسج ، (١٣) فينذر بهبوب رياح عاصفة.
__________________
(١) فصل : الفصل الرابع د ، م ؛ فصل ٤ ط
(٢) فاذا : ساقطة من م. (٣) فهبطت : وهبطت م
(٤) أو لأنها : ولأنها ط (٥) حبستها : حبسها ب ، د ، سا ، م
(٦) المتشككين : المتشكين م.
(٧) ضغط : أضغط ط
(٨) المانع : التابع ط ؛ المنافع م
(٩) جهته : جهة ب ، م.
(١٠) على (الأولى) : ساقطة من م.
(١١) من : + صعود مادتها بخ
(١٢) فخصص : يخصص م.
(١٣) سجسج : سجيج ط ؛ شبح م [السجسج ، الهواء المعتدل بين الحر والبرد (اللسان)].