[الفصل الأول] (١)
(ا) فصل
فى السحب وما ينزل منها وما يشبه ذلك
فنقول أولا : فى كيفية تولد السحاب : إن السحاب جوهر بخارى متكاثف طاف فى الهواء ، ومن شاء أن يتأمل ذلك أمكنه ، إذا حصر الجبال الشامخة ، وتأمل تكوّن السحاب فيها. وهذا الجوهر البخارى كأنه متوسط بوجه ما بين الماء والهواء ، فلا يخلو إما أن يكون ماء قد تحلّل وتصعّد ، أو يكون هواء قد تقبض واجتمع. وقد يعرض تكون السحاب من كلا الوجهين جميعا. وذلك أنا كثيرا ما شاهدنا الهواء يبرد فى أعالى الجبال الباردة فينقبض (٢) بعد الصحو سحابا دفعة ، ثم يثلج. وقد شاهدت هذا بجبل طبرستان عند ويمة وبجبال طوس. (٣) وأما تصعد البخار وانعقاده سحابا ماطرا ، فذلك أمر قد شاهدناه كثيرا فى كل البلاد الجبلية. وهذا البخار ليس يحتاج كل مرة أن يبلغ الموضع البارد الشديد البرد فى الجو ، فقد (٤) شاهدنا البخار وقد (٥) صعد فى بعض الجبال صعودا يسيرا حتى (٦) كأنه مكبّة موضوعة على وهدة تحتها قرية ، إحاطة تلك الوهدة لا يبلغ نصف فرسخ.
وكنا نحن فوق تلك الغمامة فى الصحو (٧) وكان الهواء خريفيا (٨) ليس بذلك البارد جدا ، فكان أهل القرية يمطرون من تلك الغمامة. فعلمنا أن البخار كثيرا ما يؤدى به تكاثفه وتواتر مدده وبطء حركته المصعدة إياه إلى فوق ، فيحوج إلى أن يتكاثف ويقطر مثل المعصور ، وربما أحوجته الرياح إلى ذلك إما مانعة (٩) إياه عن الصعود بحركتها فوق ، (١٠) وإما ضاغطة إياه إلى الاجتماع بسبب وقوف جبال حائلة قدام الريح أو بسبب اختلاف رياح متقابلة ، وإما لإلحاق المتأخر بالمتقدم (١١) الواقف وإلصاقه (١٢) به من غير أن يكون حاجز من قدام ، وإما لشدة بردها فيكثف (١٣) به السحاب.
__________________
(١) فصل : فصل أب ؛ الفصل الأول م
(٢) فينقبض : فيقبض ط
(٣) طوس : + أيضا د
(٤) فقد : وقد ب
(٥) وقد : قد ط
(٦) حتى : + كان م
(٧) الصحو : الشمس ب ؛ الصبح د ، سا ، م
(٨) خريفيا : خريفا م
(٩) مانعة : المانعة د ، سا ، م ؛ لممانعة ط
(١٠) بحركتها : لحركتها سا
(١١) بالمتقدم : بالمقدم م
(١٢) به : ساقطة من م
(١٣) فيكثف : فكثف ب.