لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) (٩ : ٧) فالمبدأ الأصيل في العهد أن يوفى به إلا أن يخلف المعهود له فيخلف عليه جزاء وفاقا.
إن رعاية الأمانات والعهود تبدأ من رعاية الأمانة الكبرى التي عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ، فهنا وفي آيات عدة يأمر الله الإنسان الهلوع أن لا يحمل الأمانة خائنا فيها ، بل يؤديها ويراعيها.
٨ ـ القيام بالشهادات : (وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) : قياما بالشهادات الإلهية لحملة الرسالات ، التي هي شهادات إلهية ، وقياما بالشهادات البشرية تلقيا وإلقاء لها ، أن يتلقوا الشهادات لكي يلقوها إذا ما دعوا ، ولا يقعدوا ويسكتوا عنها (وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا) (٢ : ٢٨٢).
فحدود الله تقام بالشهادات ، والتخلفات عن شريعة الله تعرف بالشهادات ، والحفاظ على حقوق الناس وأعراضهم وعقائدهم تعرف بالشهادات ، فلا بد من قيام الشهادة لله والقيام بها (وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) حتى تقام وتنفذ شريعة الله.
فهذه أبواب ثمان إلى جنة الرضوان ، إلى حياة سليمة مسلمة يوم الدنيا ويوم الدين ، بها يكافح هلع الإنسان السيء ، فيبدل إلى هلع صالح في تحصيل المحامد ، وتبنّي الحياة الجديدة المجيدة ، ولقد كرّرت فيها الصلاة دواما وحفاظا عليها ، قبل السبعة وبعدها ، كأنها المحافظة على هذه السبعة ، ولكي لا تتبدل أبوابا جهنمية ، وهذا هو الحق يقال : الصلاة عمود الدين إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها ، فغير المحافظ وغير المداوم على صلاته لا تأتي منه هذه الخيرات السبع ، وإن أتت فهي صور مجردة عن معانيها المعنيّة ، وطالما فرّعت هذه السبعة على الصلاة ، نعرف أنها من نتائج الصلاة القائمة والدائمة المحافظ عليها : (إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ ... وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) :
(أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) : جنات مزدوجة : نفسية وجسدانية ،