دينه ، وليمنع من يمس من كرامته إذا مسه خير ، وليهرع مجدا مجاهدا في سبيل الله ، ولكي يتلمع في حياته المجيدة المشرفة بلمعان الإيمان.
فالمستثنون المصلون هنا لم يستثنوا عن أصل الهلع ، الذي هو من خلق الله (١) وانما عن طيش الهلع وفساده وحريته في حيونة الحياة ، وفيما إذا قيد بقيود الشرع والعقل ، واهتدى بهداية السماء ، أصبح هلعه المخلوق لصالحه كاملا لامعا.
(إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً) : هذا بيان الواقع في خلق الإنسان ، (إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً) وهذا تنديد بالهلوع كيف يصرفه ويتصرف فيه لغير وجهه (إِلَّا الْمُصَلِّينَ) وهذا تبجيل للهلوع على تصرفه الجميل ان يصرفه في سبيل الصلاح والإصلاح.
فالإنسان بطبعه الاولي ، المتحلل عن وحي السماء ، الهابط الى أرض الشهوات ، هذا الإنسان يصرف نعم الله في نقمه ، ويبدل نعمة الله كفرا ، فيحل نفسه في دار البوار ف (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ..) ولا يدفع خسره ، ولا يبدل عسره الى يسره إلا التمسك بحبل من الله ، والرباط العقائدي والعملي بوحي الله ، لا كلمة تقال باللسان ، ولا شعائر تعبدية ـ فقط ـ تقام ، انما حالة نفس ومنهج حياة تعيش الإنسان ككل ويعيشها الإنسان.
فالإنسان بما خلق هلوعا ، وقبل الاستضاءة بوحي السماء : إن هلعه يرجع به الى ضلال :
__________________
(١) والا أصبح الخالق للهلوع غير الخالق لغير الهلوع ، او ان الخالق الواحد خلق البعض هلوعا مذموما ، والبعض الآخر غير هلوع ممدوحا ، وهذه قسمة في الخلق ظالمة ، ومس من كرامة العدالة الالهية.