نَزَّاعَةً لِلشَّوى) تقتلع بشدة واعتماد ، للشوى : جلدة الرأس والكوارع والأطراف ما عدا المقتل لكيلا يقتل ، فهي تنزع ما شوته وأحرقته ثم ترجع هي جلودا غيرها ، فهي هي وهي غيرها باختلاف الصورة والمادة : (كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ) (٤ : ٥٦).
ولأنها لظى : لهب خالص متوقد من أنفسهم الجهنمية ، لذلك ليست لتقبل بدلا وفدية ، وانما تدعو وقودها لا سواه ، فهل يا ترى ان النار تدعو وقود غيرها؟ كذلكم هؤلاء الذين هم حطب جهنم ووقودها لا تدعو نارها إلا إياهم ولا ترضى بسواهم ، اصطحاب العلة والمعلول!.
(تَدْعُوا) : تجذب الى نفسها دون رادع (مَنْ أَدْبَرَ) عن الحق (وَتَوَلَّى) دعوة لإيقادها وصليها : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (٩٢ : ١٦) (وَجَمَعَ فَأَوْعى) جمع المال للإيعاء دون فائدة شخصية ولا جماعية ، ودون تفهّم ووعي لعوائدها ، وانما ايعاء للأموال كأنها هي الغاية ، تبديلا للوسيلة الى الغاية ، ثم تجميدا للغاية ، وتوقيفا لرحى الإقتصاد والحركة العمالية والتجارية ، فهؤلاء خطر على البشرية مادية ومعنوية ، وهم وقود لنيران الضلالات والفشل والبتل الاقتصادي ، فلذلك لا تقبل منهم فدية ، وانما يدعون الى ما كانوا جزاء وفاقا.
فمن الناس من يقبل الى الحق بكلا جزئية : نفسانيا وجسدانيا ، ومنهم من يقبل بجزء ويدبر بالآخر ، ومنهم من يدبر بجسمه ويتولى بروحه عن الحق وهو (مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى) فالإدبار عمل الجسم ، فكيانه المادي تأخير وتأخر عن الحياة المادية لإيعائه الثروات ، والتولي عمل القلب إذ يعرض به عن الحق ، فهو بقلبه وقالبه معرض عن الله الى اللهو ، فهو أشر الخليقة ، يصلى النار الكبرى وهو وقودها وهي زبانيته!.