معا حيث الظن يشملهما هنا لفظيا ومعنويا : اني أيقنت لقاء الحساب وظننت انني ادخل الجنة بحساب ، فإذا بي أدخلها بلا حساب! ، وتشمل الآية أيضا من يدخل الجنة بحساب فيختص بالوجه الأول.
فهذا الكتاب يحمل حسابي بعلامة النجاح (فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) : عيشة بالغة في أنها مرضية لحد كأن الرضا أدغمت في ذاتها فأصبحت راضية ، كما يقال : شعر شاعر وليل ساهر وسحر ساحر ، مبالغة في كمالها وجمالها ، راضية يوم الدين كما كانت راضية يوم الدنيا : صورة طبق الأصل ، وتفضله هناك لظهوره تامة فيها ، ولمزيد الرحمة الإلهية المضافة إليها.
(فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) : عالية في المكان والمكانة ، وفي الرحمات الجسدانية والروحانية «فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» (قُطُوفُها دانِيَةٌ) : أثمارها التي تقطف دانية إلى طلابها ، لا تتكلف القيام ولا التوسل بأية وسيلة.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) : اكلا وشربا هنيئا سائغا لا تنغيص فيه في الحلقوم ، وذلك بما اسلفتموه من الصالحات في الأيام الماضية : أيام التكليف يوم الدنيا.
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ) : علامة السقوط (فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ) : فانه عذاب فوق العذاب وقبله (وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) فانه يدخل النار بحساب ، ودراية الحساب أيضا قبل العذاب عذاب فوق العذاب ، فإتيان الكتاب بالشمال عذاب ، وعرفان الحساب عذاب ، ثم بعدهما واقع العذاب بقدر الحساب.
(يا لَيْتَها) : القارعة المسبق ذكرها (كانَتِ الْقاضِيَةَ) : علي ، الماحقة لوجودي بعد الموت فحسب ، دون أن تتلوها قارعة العذاب بعد صيحة الإحياء في حياة الحساب ، وهي تشبه مقالة الكافر : (يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً).
(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) : مالي وما ، لي : ما ادخرت من أموال ، وما كنت