بعضها ببعض ، والتي تتخطى الزمان والمكان ، وكل ما سوى الإيمان ، فلا يحبون لأنفسهم ويطلبون ، إلا ويطلبونه ويحبونه لإخوانهم الذين سبقوهم في الإيمان ، وليس تقديم أنفسهم في الدعاء إلا تبوءا لها لكي تستجاب دعوتهم لإخوانهم ، ومن ثم لأنفسهم ، وهذا لون من ألوان الإيثار ، بالنسبة لمن سبقوهم أحياء وأمواتا.
(وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) : الغلّ هو العداوة والضّغن من الغلّ : القيد ، فكما الغل قيد للأجسام ، كذلك الغل قيد للصدور والأرواح ، يجعلها ضيّقة ضنكا ضغينة ، فالله تعالى ينزع الغل من صدور من ينتزعه بسعيه :
(وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) (٧ : ٤٣) (... إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (١٥ : ٤٧) ، كما وأنه يجعل فيها الغل لمن يغلّ ، فيذره في غلّه يعمه ، وفي طغيانه يتردد ، فالمؤمنون العاملون لانتزاع الغلّ عن صدورهم يلتمسون من الله تعالى أن يعينهم لزوال الغل ، إذ كلّ سعيهم وقلّت حيلتهم في تواتر الأغلال (رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ).
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١١) لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا