وهل هناك مماثلة بين سيئة محدودة في زمن محدود وأثر محدود من مسيء محدود ، وبين سيئة لا محدودة من إله غير محدود؟ وأدنى المماثلة بين سيئة وسيئة مماثلة النهاية في سيئة محدودة في الكيف والأثر وإن لم يكن في الكم والزمن.
جزاء سيئة سيئة مثلها عدلا ، وسيئة دونها أو عفو وإصلاح فضلا ورحمة ، فإذا يأمرنا الله تعالى بالعفو عن السيئة إصلاحا أم جزاءها المثل عدلا فكيف يجازي هو ظلما أن يخلّد بسيئات أهلها إلى غير نهاية ، وما هذا إلا كذب مفترى (سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ)!.
ثم المماثلة بين السيئة والجزاء والسيئة المجازى بها لا تقتضي إلّا اعتداء بالمثل ، وليست هي اعتداء ، وأما إذا كانت سيئة بنفسها دونما استثناء فلا ، فمن ضربك تضربه كما ضرب مراعيا كمّه وكيفه ، وأما من زنى بحليلتك فليست جزاءه أن تزني بحليلته ، وإنما هي الحد المحدد له في الشرع ، والضابطة العامة هي أن السيئات المتعدية التي لا حدّ لها في الشرع تجازى بمثلها ممن أسيئ إليه ، إذا لم يكن الجزاء محرما ، وأما المحرمة كمثل اللواط والزنا والسباب والإضلال ام ماذا فلا ، وقد توحي (فَمَنْ عَفا) أن السيئة هنا تعني ما تقبل العفو ممن أسيء إليه ، فلا تشمل إذا مثل اللواط والزنا والإضلال ، وإن شملت مثل القتل والسباب أم ماذا؟.
فإذا قال لك : أخزاك الله ، تقول له مثل قوله : أخزاك الله ، وإذا قال لك : أنت فاسق إهانة دون حجة ، تقول له : أنت فاسق جزاء بحجة ...
وأما إذا قذفك بما يوجب الحد ، فليس لك أن تقذفه حيث يوجب