وإذا كانت المشورة في أمور شخصية بحاجة إلى هذه الضوابط ، ففي الأمور الجماعية أحق وأحرى.
فالشورى في الفتيا الأحكامية تقتضي الرعيل الأعلى من أهل الفتوى حتى يحاوروا في جد واجتهاد وقوة وسداد للحصول على رأي واحد فأحسن ، أو اكثرية فحسن ، فاتباعها إذا إتباع للقول الأحسن ، فلا يصلح إتباع رأي واحد وإن كان أفضلهم.
كما الشورى في الفتيا السياسية تتطلب ذلك الرعيل من أهلها على ضوء الكتاب والسنة ، وهم نواب المجلس النيابي للشورى الإسلامية.
وبما أن الزمالة بين الدين والسياسة عريقة جوهرية أم هو هي وهي هو ، فعلى الرعيل الأول أن يكونوا ساسة وإن لم يصبحوا بتلك المثابة ، وإن كان الأخصائيون في السياسة الإسلامية لهم الأولوية من الأخصائيين في الفتيا الأحكامية ، فيحكم ـ إذا ـ الفقهاء فقهيا والساسة سياسيا على رعاية الفقهاء الأحكامية ف «العلماء حكام على الملوك والملوك حكام على الناس» وكما نرى في طالوت إذ بعثه الله ملكا على بني إسرائيل لقيادة الحرب على رعاية نبي لهم.
ترى ومن ذا الذي يعرفهم فيعرّفهم للجماعة المسلمة ، من أولاء وهؤلاء حيث يجمعها «العابد من أمتي»؟ طبعا إنهم العارفون من المسلمين في كل من الحقلين «اجمعوا له العابد من أمتي» وكيف يجمعون؟ طبعا بالشورى بينهم «واجعلوه» : هذا الجمع «بينكم شورى» والمخاطبون ـ بطبيعة الحال ـ هم العارفون ميزانية العلم والتقوى في الرعيلين على اختلاف مراتبهم.
إن معرفة التقوى السياسية والتقيّ السياسي لا تتطلب أكثر من لمس للسياسة الإسلامية وإخلاص إيماني ممن ينتخبونه ، فنواب المسلمين ف