الملموس عندنا أنه بث الخلق ، إذ لم نر خلقا هنا يصعد إلى السماء! ولكنما الآية بمضيّها تعني ماضي البث (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ..) (١٨ : ٥١) فضلا عن أن يلمسوا بث الخلق أم بثا لما خلق ـ اللهم إلّا أبا البشر وأمه حيث القرآن يهبطهما إلى الأرض ـ لا بثهما بعد خلقهما ، أو يقال : اسكتوا عما سكت الله عنه ، اللهم إلّا أن كل دابة تحتاج جوا يناسبها ، فإنسان الأرض لا يسطع الحياة على القمر أم ماذا ، فأحرى بالبث أن تعني هنا بث الخلق.
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ)(٣٠).
المصيبة في الأصل هي الرمية التي تصيب الهدف ، ثم اختصت بالنائبة ، اعتبارا أنها ليست رمية من غير رام ، وهذه الآية تختص كل نائبة بما كسبت أيديكم ، وإن كانت من عند الله ، فإنها من أنفسكم ، يرميكم بنصلكم الذي كسبتم ، إذا فهي رمية قاصدة برام عادل وأن الله ليس بظلام للعبيد.
هناك فرق بين الحسنة والسيئة أن الحسنة من الله ومن عند الله ، ولكنما السيئة هي من أنفسكم ثم من عند الله : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٦٤ : ١١) (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً. ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ..)(٤ : ٧٩).
وترى إذا كانت المصيبة الداهية هي بما كسبتها ورمتها أيدي المصابين بها جزاء بما كسبت ، فكيف تلائم كون الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء؟.