الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)(٢٢).
ترى الظالمين وجلين ما كسبوا على عناية علّهم ينجون وهو واقع بهم ، لا جزاءه انتقاما ، بل إن ما كسبوا هو واقع بهم وقوع الشاهد القارع ، حيث الأعمال والأقوال تشهد شهادة ذاتية عينية على عامليها ، ومن ثم وقوعا لحقائقها التي تبرز يومها ولا يظلمون نقيرا ، حيث ينقلب عذابا لا مخلص منه ولا محيد.
هؤلاء الظالمون المشفقون مما كسبوا ، ومن ثم مؤمنون مشفقون (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ) كما قدموها بما كسبوا وعند الله مزيد (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) (٥٠ : ٣٥) عما يشاءون ، (وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ) (٢١ : ١٠٢) (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) (٤٣ : ٧١) (وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ) (٤١ : ٣١).
«ذلك» من روضات الجنات ولهم ما يشاءون عند ربهم (هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ)! فهناك جنات هي لسائر أهل الجنة ، وهنا روضات الجنات وهي البقاع الشريفة المتميزة فيها للذين آمنوا وعملوا الصالحات ، لا الذين (خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) (٩ : ١٠٢).
وترى ان ثواب الجنات بروضاتها ليس عن استحقاق فلا يجب على الله حتى يكون فضلا كبيرا؟ أقول : نعم وكلا .. كلّا حيث الإيمان وعمل الصالحات لا يرجعان بفائدة إلى الله إلّا إلى العاملين فلا استحقاق لأجر ، ونعم : حيث (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) ووعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات الجنة ، فقد فرض على نفسه الفضل ، حيث لا أصل الفضل واجب عليه ولا كبيره ، فهو فضل على فضل.