معاندين متعنتين ، وبعيد عن الفطرة والعقل والعلم والعدل ، فلا يماري في الساعة إلّا من غرب عقله ، وحجبت فطرته ، وبرزت شقوته.
فالضلال القريب هو الضلال القاصر حيث يرجى بوصول البينة زواله ، والضلال البعيد هو المقصر بعد تمام الحجة فلا يرجى إذا زواله ، حيث المماراة هي الجدال في الحق كأنه باطل فيه مرية ، ولكي يستأصل فلا تبقى له باقية.
(اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)(١٩).
اللطيف هو صاحب اللطف الدقيق الذي لا يعزب عن علمه وقدرته وحيطته شيء والله لطيف في ذاته حيث لا تدركه الأبصار ، ولطيف بعباده حيث يدرك الأبصار ، ولان اللطيف بعباده عليم بهم خبير لم يوصف اللطيف فيما وصف إلا بالخبير (١) ولأنه (هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (١٢ : ١٠٠).
إنه (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) لأنه (لَطِيفٌ بِعِبادِهِ) والرازق اللطيف حيث يعلم الحاجة والمصلحة فيلطف قد لا يكون قويا على مرامه عزيزا ، ولكنه (هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) فعلمه بعباده وعطفه وقوته وعزته تجعل رزاقيته تامة لا حول لها دون أن يمنعه مانع منه أو سواه ، فلا بسط الرزق لمن يبسط له لمزيد اللطف والقوة والعزة ، ولا من قدر عليه رزقه لنقصان هنا أو هناك ، وإنما كل لكل حسب الحكمة ، والرزق يعم المعنوي منه كالرسالة وولاية الأمر الإمامة (٢) والمادي منه كسائر النعم غير الروحية.
وترى ما هي الرباط بين آية اللطف وما قبلها من آية الساعة وما
__________________
(١). نور الثقلين ٤ : ٥٦٨ في اصول الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قلت : الله لطيف بعباده يرزق من يشاء؟ قال : ولاية امير المؤمنين؟