الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ) (٣٤ : ٢٦) (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) (٤٥ : ٢٦) (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) (٦٤ : ٩) وكما «الله ـ هناك ـ يجمع بيننا وبينكم» إنه ربنا جميعا ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ). إنه يجمع بيننا وبينكم ليوم الجمع التغابن كما جمع بيننا وبينكم هنا ليوم الفرق والتعاون ، جمعا في دينه وشرعته ، وسوف يفتح بيننا فيما كنا فيه مختلفين وهو الفتاح العليم.
١٠ ـ (وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ) إليه وحده لا شريك له ، لا إلى ارباب متفرقين ، ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) شرعة واحدة ـ سير واحدة ـ إله واحد ومصير واحد ففيم إذا نتباغض ونتعارض؟
(وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ)(١٦).
الحجة هي الدليل القاصد لإثبات أمر أو إبطاله ، والمحاجة هي تبادل الحجة وتضاربها ، فقد تكون حقا بالتي هي أحسن عن علم وحلم ، أو تكون باطلا فيما ليس لهم به علم : (ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) (٣ : ٦٦).
والمحاجة في الله قد تكون في كونه أو توحيده وكيانه ، أو وحيه وشرعته : (قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (٢ : ١٣٩) (فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٣ : ٢٠).
هنا توحي (مِنْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ) أن المحاجة كانت في شرعة الله الأخيرة ، واعتبرت الاستجابة الصادقة له حجة قاطعة لا مرد لها ولا حاجة