ف ـ «لقد» تأكيد ان اثنان ، و «كان» تضرب بهذه الأسوة الى اعماق الماضي ، ان ليس تكليفا حاضرا ، بل هو ماض ويبقى ، في مثلث الزمن منذ بداية الايمان لحدّ الارتحال الى رحمة الله.
وليست هذه الاسوة له (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ ليس إلا رسولا لا يهدف شخصه وشخصيته ، ولا عليكم ، إذ ليس إلّا لصالحكم كمؤمنين صادقين ، بل هو «لكم»: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ ...)!
(فِي رَسُولِ اللهِ) بما يحمل رسالة الله ، فهي إذا أسوة في الله و (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ)! لا في «محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كائنا من كان ، فانه دون رسالة لا أسوة فيه مطلقة فليست حسنة مطلقة!
(لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ) فرجاء الله في حياته كلها متعرق في أعماقه وارجائه كلها ، فان «كان» هنا كما الاول تضرب الى عمق الماضي ، فليست إذا حالة جديدة بسيطة بادئة ، بل هي ماضية متعمقة متعرقة ، عاشها الراجي الله طائلا عميقا من حياته وكان (ذَكَرَ اللهَ كَثِيراً) لا فقط بلسانه ، فكثير هؤلاء الذاكرون بألسنتهم الغافلون بقلوبهم واعمالهم ، وانما كثيرا بقلوبهم ، الظاهر في أقوالهم واعمالهم ، فالذاكر الله دائبا له أسوة في رسول الله دائبا!
لا تقل انه رسول أخلصه الله بعصمة منه ورحمة لدنية ، فكيف لنا ـ ونحن نحن ـ فيه أسوة ، فانما الاسوة فيه فيما سوى العصمة ، ما يتوجب عليك كمستسلم لله مخلصا له الدين ، فمهما العصمة لم تكن كسبية ، فما دونها من درجات العارفين ومقامات المخلصين كسبية بتلك الاسوة الحسنة.
يخرج الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بنفسه يعمل في خندق الأحزاب مع المؤمنين ، يضرب بالفأس كما يضربون ، ويجرف التراب بالمسحاة كما يجرفون ، ويضم صوته الى أصوات المرتجزين ، وهو يقودهم في