امتحانا للمؤمنين ، وامتهانا للمنافقين ، ومدحرة للأحزاب الكافرة التي استهدفت بتحزّبها الجماعي الجماهيري استئصال ناشئة الإسلام ، فاندحرت هي رغم عدّتها وعدتها الهائلة (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً. وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً).
لقد تحزب المشركون واليهود بأسرهم ، ومعهم اضرابهم من منافقين وسواهم تدخلا في حرب او تخلفا عن حربهم ، فحلّقوا على المدينة من فوق ومن أسفل حتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظن ظانون بالله الظنونا ، وابتلي المؤمنين وزلزلوا زلزالا شديدا ، وقال المنافقون قولتهم وفعلوا فعلتهم ، وهنالك أدرك الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) والمؤمنين نصر من الله ف ـ (كَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ ..)! :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً)(٩).
في هذا العرض الوجيز تبدأ المعركة وتختم بعناصرها الغيبية الحاسمة لها لصالح المؤمنين ، و (نِعْمَةَ اللهِ) دون «نعمة من الله» توحي انها كانت لدنّية خاصة ، كأن نعمة النصرة الايمانية منحصرة فيها منحسرة عن سواها ، فهنالك هجمة الأحزاب (إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ) ففاجأتها ما لم يخلد بخلدها (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها) ـ وقد قال الرسول