إذا فثمّ عمد ولكن لا ترونها ، من عمد القوة الجاذبية أمّاهيه؟
إنه ليست السماوات والأرض ـ وهما الكون كله ـ كبناء يبنى فيبقى متماسكا ما له مسكة في أجزاءه ، إذ لا مسكة ذاتيا في أجزاء الكون ، لا في كونه ولا كيانه ، إذ ليس إلّا فقرا إلى الله ، فبمجرد تركه تعالى إمساكا لكائن في أية جهة ، فهو زائل من تلك الجهة دونما حاجة إلى إزالة.
فكما لا يملك أي كائن قبل تكونه شيئا من كونه وكيانه ، فهو الآن ـ بعد خلقه ـ كما كان ، دون أية غنى واستقلالية عن خالقه ولا قيد شعرة في آن من الأوان! سبحان الملك المنان!.
فالإمساك عن الزوال هو عبارة أخرى عن الإيجاد بعد الإيجاد ، استمرارية للكائن بعد تكوينه الاوّل ، كونا أو كيانا ، فما كان إمساكه للكون فالكون كائن ، فإذا زال زال ، زوالا على قدر زوال!.
فنظرة ناظرة إلى ناضرة السماوات والأرض ، أنهما لا تقومان ـ في ظاهر الحال ـ بعمد ، ولا تشدان بأمراس ، جديرة بأن تفتح البصيرة على اليد الخفية الحفية ، القاهرة القادرة ، التي تمسكها عن أي زوال!
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً) (٤٢).
يروى أنه يبلغ قريشا قبل جيئة هذا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أن اهل الكتاب كذبوا رسلهم فقالوا : لعن الله اليهود والنصارى أتتهم رسلهم فكذبوهم فوالله لئن أتانا رسول لنكونن أهدى