في ولاية شرعية ، لا يعم سواهم فكما (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) كذلك ورثة الكتاب طاعتهم مفروضة على من سواهم : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٤ : ٥٩) الذين ولّوا وراثة الكتاب بعد وحيه الى الرسول ، فولوا ازمّة امور المسلمين كما ولّي!
ولان «سابق» مطلق غير محدد ، فسبقهم ـ إذا ـ مطلق غير محدد ، فهم السابقون على كافة المصطفين على مر الزمن في الاصطفاءات ، اللهم إلّا من اوحي اليه القرآن!.
ولأن «الخيرات» جمعا محلّى باللام تعم كافة الخيرات عدّة وعدّة ، فهي الخيرات المعرفية والعقائدية والعملية. أما هيه ، المعنية من (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) المسبوقة ب «انما» الحاصرة فيهم قمة العصمة الإلهية.
وليس السبق هنا زمنيا ـ إذ ليس له فضل على اللّاحق الأفضل ، بل هو سبق في الرتبة ، كما الرسول في كونه (أَوَّلُ الْعابِدِينَ) مهما سبق في علم الله وتقديره سبقهم هذا!.
فهؤلاء الأكارم الذين أورثوا الكتاب بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) سبقوا بعده كافة السابقين في ميادين الخيرات ومسارحها ، فلذلك يفضّلون على سائر النبيين في سابق الخيرات طول الزمان وعرض المكان!.
ترى ولماذا يتقدم في هذا العرض العريض ظالم لنفسه على مقتصد وهما على سابق بالخيرات ، والأخير متقدم في ناصية الآية (الَّذِينَ اصْطَفَيْنا ..)؟
انه بيان لطرف الاصطفاء ، تقديما للاكثر افرادا (ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) حيث تربو سيئاته لنفسه على حسناته ثم «مقتصد» قد تتعادل سيئاته وحسناته ، ثم (سابِقٌ بِالْخَيْراتِ) المصطفين من بينهم إذ ليست لهم سيئات!