ولان آية المثقال تحلّق على كل كائن أيا كان سوى ذاته تعالى وتقدس إذ ليس مثقالا ولا ذرة ولا هو في السماوات ولا في الأرض ، فليكن لكل كائن مثقال وهو وزن يقتضي حجما من مادة ومادي ، وهو الطاقة المنبثقة عن المادة ، فلا مجرد ـ إذا ـ سوى الله!
ثم «ذرة» وأصغر منها واكبر ، ليست لتعني ـ فيما تعنيه ـ الخارج عن حدود المادة ، حيث المحور في مثلث «ذرة ـ أصغر منها ـ واكبر منها» هو المادة ، فلا كائن ـ إذا ـ سوى الله إلّا في نطاق هذا المثلث دون إبقاء!
ومهما كانت الذرة معروفة قبل ردح من الزمن انها أصغر الأجسام المرئية ، فقد كشفت البشرية عن ذرات هي أصغر منها بكثير ، ومن ثم بعد تحطيم الذرة تعرفت الى أصغر من ذرة وهو جزئياتها الإلكترونية والبروتونية والنيترونية والبوزيترونية أماهيه ، ولما يصل العلم ـ ولن ، ـ الى المادة الأم ، التي منها الذرات والجزئيات والعناصر كلها ـ ثم لا اجزاء لنفسها تتجزأ إلا تجزئة عن كونها الى فناء مطلق وانعدام مطبق (١).
آية الذرة هذه لا نظيرة لها إلا ما في يونس (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٦١) وعلّها أكد شمولا لمكان «من» الضاربة الى اعماق الكائنات بذراتها وأصغر منها دون ان يفلت منها فالت ، كما ول ـ «ربك» موقعها من ذلك التأكيد الأكيد!.
و (كِتابٍ مُبِينٍ) أهو القرآن : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ)؟
__________________
(١) راجع تفسير الآية «وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ» في الجزء (٢٦ : ٢٣٧) من الفرقان و «حوار بين الإلهيين والماديين».