قبيل الإنسان. ولو ان حمل الامانة يعني ـ فقط ـ تحملها ، لم يكن للإباء عنها مجال لأي كائن ، حيث العرض الرباني لها بجمعية الصفات «انا عرضنا» ليس الا لصالح الكائنات ، فالتخلف عن قبولها تخلف عن ارادة الله ، ولو كان بالإمكان لكان من العصيان ، فقبولها طاعة ، فكيف يعلّل (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) إذا ب (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) ، ومن ثم «ليعذب ..» فهل ان مطاوعة الرب في تقبل الامانة المعروضة ظلم وجهل يستتبعان العذاب؟!
إذا فهي بعد ثان من تكوين كل شيء وكينونته ، لكل حسب مستواه ومستطاعه ووهبته دون زائد ولا ناقص ، فهي لمن يعقل تكليف العقل قدره ، ولمن يشعر تكليف الشعور قدره في حيوان ام نبات ام جماد : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) (١٧ : ٤٤).
ان امانة التكليف بصيغة اخرى هي «الولاية» (١) ولاية الله في تسبيح دائب كما لسائر الكون ، وسائر الولايات في درجاتها لكل كتلة كما تناسبها كولاية الرسل لسائر المكلفين وولاية الرسول والأئمة (٢) في خاتمة الرسالات
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ٣٠٩ ح ٢٥٨ في عيون اخبار الرضا باسناده الى الحسين بن خالد قال : سألت أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عن قول الله عز وجل (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ ..) فقال : امانة الولاية من ادعاها بغير حق كفر وفي معاني الاخبار ح ٢٦٠ مثله وفي ح ٢٦٧ بصائر الدرجات عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال الولاية أبين ان يحملنها كفرا وحملها الإنسان والإنسان الذي حملها ابو فلان أقول حملها كفرا هو خيانتها كما خانها ابو فلان.
(٢) المصدر ح ٢٦١ في اصول الكافي عن إسحاق بن عمار عن رجل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : هي ولاية امير المؤمنين (عليه السلام) أقول انه من ـ