عليم بما يجهلونه وما تجهله ، حكيم بما لا تحكمه ، وأنت كرسول دائب إلى قمم من العبودية.
والرسالة بما أراك الله ، ولا تكن للخائنين خصيما ، فمهما أرادوا ليكيدوك ويغروك أن في إجابتهم اخمادا لنائرة الحرب ، وتقربا لهم إلى الإسلام بتلك الاستمالة والتقارب ، ولكنه أمر ظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً)!
(وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) فلأنه ربك في كل صغيرة وكبيرة ، ظاهرة وباطنة ، ولكي تكون رسول ربك بما رباك ـ ف ـ (اتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) وقد أحاط علما بما يعمله الكافرون والمنافقون من شيطنة السياسات ، وتهاترات المعاملات ، التي تبوء بالخساء للرسول ، وبالدمار للرسالة (إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) وكما أحاط خبرا وعلما بما تعمله أنت ومن معك ، ف ـ (بِما تَعْمَلُونَ) تشملها ، تنديدا بأعمالهما وحيطة على أعماله بمن معه.
ولكي تكون على اهبة كاملة كافلة لتقوى مطلقة ، وترك لطاعتهم مطلقا ، رغم المناوئات والعرقلات التي لا تملك صدها ، بعد ما وفيت وكفيت جهودك كلها :
(وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) (٣) فلا توكّل على سواه إذ لا وكيل في المخاطر والضرورات إلّا الله ، فتوكل على الله لا سواه ، في أن : (اتَّقِ اللهَ) لا سواه وفي أن : «لا تطع ..» إلّا إياه!
أصل السلب : «لا إله» وأصل الإيجاب : «إلا الله» محوّل إلى محاولة العبد ، ثم المطلق فيهما موكل إلى حول الله ، ف ـ (اتَّقِ اللهَ .. وَلا تُطِعِ .. وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ... قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).