والأحسن هناك هما الأحسن وجزاءه لا يتفارقان ، ففي اربع ـ آيتنا منها ـ الجزاء هو الأحسن نفسه ، وفي ثنتين الجزاء بالأحسن (١) مما يبين أن الجزاء هو العمل نفسه بما يظهر بملكوته هناك ، وانه العمل الأحسن دون السيء إذ كفّر عنهم ، ولا الحسن فان أقله عشرة الأمثال ، فالجزاء الأحسن جزاء للأحسن والحسن سواء ، فليجاهد المؤمن ويبالغ أن يأتي بالأحسن فالأحسن فانه درجته يوم القيامة ، وكلما كان الأحسن اكثر فالجزاء ـ بطبيعة الحال ـ احسن ، حيث القصد من الأحسن مجموعة الكم والكيف ، فالذي يكون كل اعماله الأحسن دون سيء ولا حسن كأوّل العابدين ، فدرجته كذلك أحسن ممن يكون أحسنه اقل في كم أو كيف أو فيهما ، و (لا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً). ويا له من فضل عظيم عميم ونعيم مقيم للمجاهدين الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، تكفيرا عنهم سيئاتهم ، وجزاء الحسنى بكل حسناتهم وليست كلها حسنى ، فما أكرمك يا رب ، وما الأمنا يا رب!.
(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ٨.
هذه وصية ربانية لصالح الوالدين والأولاد «حسنا» هنا و «إحسانا» في أخرى ، مما يدل انهما واحد ، ان تكون حياتك معهما حياة حسنة بإحسان حالا ومالا ومآلا دونما أية إساءة ولا سوء حتى في قلبك فضلا عما يظهر ، ولا
__________________
(١) فمن الأول : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٩ : ١٢١) (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) (٢٤ : ٣٨) (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا) (٤٦ : ١٦).
ومن الثانية : (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦ : ٩٧)(وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٩ : ٣٥).