(٤٠ : ٢٦).
وهما من أهم ما يهم كل امة ، تمسكا بمبدءي العقيدة والقومية ، وحين تجتمعان فهنا لك الطامة الكبرى على من يعارضهما ، وهكذا يكيد فرعون أمام موسى بمسمع ومرأى حاشيته وشعبه ، تفلتا عن برهانه ، وتلفتا الى ما يصرفهم عنه علّهم يثبتون (وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ).
ثم وليعارضه ـ على زعمه ـ يتطلب اليه ان يجعل موعدا لمغالبته في سحره! :
(فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً) لمعارضة السحر ومغالبته (لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ) موعدا لا يعذر أحد منا عن حضوره ، (مَكاناً سُوىً) وسطا بين الطرفين ، سويا دون ارتفاع ولا انخفاض ، فان السّوى هي المستوي طرفاه ، وهو يعم استواءه في نفسه وبالنسبة للطرفين في المباراة.
ونرى الطاغية في ذلك الكيد الأكيد يستحكم موعده زمانا ومكانا سوى ، ولكي يخيّل الى شعبه انه على شيء ، والا فلما ذا أصل الموعد ، ثم لماذا التأكد من زمانه ومكانه العام لتكون المظاهرة في مشهد ومسرح عام؟.
انه يستحكمه اعتمادا على شايع قدرته وبالغها عند شعبه ، فلأن موسى وليد بينهم فلا بد انه تلميذهم.
وقد كان ذلك باشارة من حاشيته : (قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ. يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ) (٧ : ١١١).
وهذه طبيعة الحال ممن يعارض البرهان ، فليس على موسى ان يتطلب ذلك الذي طلبوه لأنه على حجته الباهرة القاهرة ، ثم على استعداد تام ليكرر لهم حجته يوم حشرهم لتتمّ عليهم كلهم ، فلذلك يجاوبهم من فوره :