ابن اليمان رضي الله عنه وكان قريباً منه فلم يجبه ثمّ ناداه ثانياً فلم يجبه ثمّ ناداه ثالثاً فقال لبّيك يا رسول الله قال أدعوك فلا تجيبني قال يا رسول الله بأبي أنت وأمّي من الخوف والبرد والجوع فقال ادخل في القوم وائتني بأخبارهم ولا تحدثن حدثاً حتّى ترجع إليّ فانّ الله عزّ وجلّ قد أخبرني أنّه قد أرسل الرياح على قريش وهزمهم قال حذيفة فمضيت وأنا أنتفض من البرد فو الله ما كان الّا بقدر ما جزت الخندق حتّى كأنّي في الحمّام فقصدت خبأ عظيماً فإذا نار تخبو وتوقد وإذا خيمة فيها أبو سفيان قد دلّى خصيتيه على النار وهو ينتفض من شدّة البرد ويقول يا معشر قريش إن كنّا نقاتل أهل السماء بزعم محمّد صلّى الله عليه وآله فلا طاقة لنا بأهل السماء وإن كنّا نقاتل أهل الأرض فنقدر عليهم ثمّ قال لينظر كلّ رجل منكم إلى جليسه لا يكون لمحمّد عين فيما بيننا قال حذيفة فبادرت أنا فقلت للذي عن يميني من أنت فقال أنا عمرو بن العاص ثمّ قلت للذي عن يساري من أنت فقال أنا معاوية وانّما بادرت إلى ذلك لئلّا يسألني أحد من أنت ثمّ ركب أبو سفيان راحلته وهي معقولة فلو لا انّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لا تحدث حدثاً حتّى ترجع إليّ لقدرت ان أقتله ثمّ قال أبو سفيان لخالد بن الوليد يا با سليمان لا بدّ من أن أقيم انا وأنت على ضعفاء الناس ثمّ قال ارتحلوا انّا مرتحلون ففرّوا منهزمين فلمّا أصبح رسول الله (ص) قال لأصحابه لا تبرحوا فلما طلعت الشمس دخلوا المدينة وبقي رسول الله (ص) في نفر يسير وكان ابن عرقد الكنانيّ رمى سعد بن معاذ بسهم في الخندق فقطع اكحله فنزفه الدم فقبض سعد على أكحله بيده ثمّ قال اللهمّ ان كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها فلا أجد أحبّ إليّ من محاربتهم من قوم حاربوا الله ورسوله وإن كانت الحرب قد وضعت أوزارها بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وبين قريش فاجعلها لي شهادة ولا تمتني حتّى تقرّ عيني من بني قريظة فأمسك الدم وتورّمت يده وضرب له رسول الله صلّى الله عليه وآله في المسجد خيمة وكان يتعاهده بنفسه فأنزل الله عزّ وجلّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ الآيات إلى قوله إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ يعني بني قريظة حين غدروا وخافهم أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ إلى قوله إِنْ