الواسطي : المعرفة ما شاهدته حسّا والعلم ما شاهدته خبرا أي بخبر الأنبياء عليهمالسلام.
وقال البعض : المعرفة اسم لعلم تقدّمه نكرة وغفلة ، ولهذا لا يصحّ إطلاقه على الله تعالى.
وقال الشبلي : إذا كنت بالله تعالى متعلّقا لا بأعمالك غير ناظر إلى ما سواه فأنت كامل المعرفة. وقيل الرؤية في الآخرة كالمعرفة في الدنيا كما أنّه تعالى يعرف في الدنيا من غير إدراك كذلك يرى في العقبى من غير إدراك ، (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) (١).
وقالوا من لم يعرف الله تعالى فالسكوت عليه حتم ، ومن عرف الله تعالى فالصّمت له جزم.
ولذلك قيل من عرف الله كلّ لسانه ، ولا يعارضه ما قيل : من عرف الله طال لسانه : إذ المعنى من عرف الله بالذات كلّ لسانه ومن عرف الله بالصفات طال لسانه. لأنّ الشّخص الذي له مقام التلوين يكون له معرفة الصفات ، وأمّا من كان في مقام التمكين فله معرفة الذات.
وذلك مثل سيدنا موسى عند ما كان في مقام التلوين فتطاول قائلا : ربّ أرني أنظر إليك.
فجاءه الجواب : لن تراني. وأمّا نبيّنا المصطفى صلىاللهعليهوسلم فلكونه في مقام التمكين فلم يتطاول بلسانه ولم يطلب الرؤية لهذا حظي بالرؤية (٢). أو يقال : المعنى من عرف الله بمعرفته الشهودية الضرورية كلّ لسانه ، ومن عرف الله بمعرفته الاستدلالية طال لسانه انتهى. وفي خلاصة السلوك : المعرفة ظهور الشيء للنفس عن ثقة ، قال به عليّ بن عيسى (٣). وقال عبد الله بن يحيى (٤) إذا أراك الاضطراب عن مقام العلم بدوام الصحبة فهو معرفة. وقيل المعرفة إحاطة العلم بالأشياء ، قال عليه الصلاة والسلام : «لو عرفتم الله حقّ معرفته لزال الجبال عن دعائكم» (٥). قال أبو يزيد : حقيقة المعرفة الحياة بذكر الله وحقيقة الجهل الغفلة عن الله.
حكى أبو عليّ ثمرة المعرفة إذا ابتلي صبر وإذا أعطي النّعم شكر وإذا أصابه المكروه رضي.
وقال أهل الإشارات : العارف من لا يشغله شاغل طرفة عين. قال الجنيد : العارف الذي نطق الحقّ عن سرّه وهو ساكت. وقيل الذي ضاقت الدنيا عليه بسعتها. وقيل : الناس على أربعة أصناف : الثابت الذي يعمل للدرجات ، والمحبّ الذي يعمل للزلفى القريبة ، والعارف الذي يعمل لرضاء ربه من غير حفظ لنفسه منه.
ومنها ما هو مصطلح النحاة وهي اسم وضع لشيء بعينه. وقيل اسم وضع ليستعمل في شيء بعينه ويقابلها النكرة. اعلم أنّ التعريف عبارة عن جعل الذات مشارا بها إلى خارج إشارة وضعية ويقابلها التنكير وهو جعل الذات غير مشار بها إلى خارج في الوضع ، والمراد بالذات المعنى المستقلّ بالمفهومية الذي يصلح أن يحكم عليه وبه ، وهو معنى الاسم فقط ، فإنّ معنى الفعل والجملة لدخول النسبة فيه خارج
__________________
(١) الأنعام / ١٠٣.
(٢) چه كسي كه در معرفت صفاتست وى را مقام تلوين است وكسي كه در معرفت ذاتست مقام تمكين دارد چون موسى عليهالسلام در مقام تلوين بود زبان دراز كرده گفت ربّ ارني انظر أليك وجوابش لن تراني آمد وچون مصطفى عليهالسلام در مقام تمكين بود زبان دراز نكرد ورؤيت نخواست لهذا برؤيت ممتاز آمد.
(٣) هو علي بن عيسى بن يزيد البغدادي الكراجكي. من الطبقة الحادية عشرة. مات سنة ٢٤٧ ه. التقريب ٤٠٤.
(٤) هو عبد الله بن يحي الثقفي ، أبو محمد المصري ، ثقة ، من كبار الطبقة العاشرة. التقريب ٣٢٩.
(٥) «لو عرفتم الله حق معرفته لزال الجبال عند دعائكم».
الأصبهاني ، حلية الأولياء ، ٨ ١٥٦ بلفظ «لزالت الجبال بدعائكم».
ورواه : السيوطي ، الدر المنثور ، ١ / ١٩٦ ، بلفظ «لزالت لدعائكم الجبال».