مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ إذ كلفنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فنحن ننهى عن المنكر ليعلم ربّنا مخالفتنا لهم وكراهتنا لفعلهم قالوا وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ونعظهم أيضاً لعلّهم ينجع فيهم المواعظ فيتّقوا هذه الموبقة (١) ويحذروا عقوبتها.
قال الله تعالى فَلَمَّا عَتَوْا حادوا واعرضوا وتكبّروا عن قبول الزّجر عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ مبعدين من الخير مبغضين فلما نظر العشرة الآلاف والنيف انّ السبعين ألفاً لا يقبلون مواعظهم ولا يخافون بتخويفهم إيّاهم وتحذيرهم لهم اعتزلوهم إلى قرية اخرى وانتقلوا الى قرية من قريتهم وقالوا نكره أن ينزل بهم عذاب الله ونحن في خلالهم فأمسوا ليلة فمسخهم الله كلهم قردة وبقي باب المدينة مغلقاً لا يخرج منه أحد ولا يدخله أحد وتسامع بذلك أهل القرى فقصدوهم وَسَمَوا حيطان البلد فاطّلعوا عليهم فإذا هم كلّهم رجالهم ونساؤهم قردةً يموج بعضهم في بعض يعرف هؤلاء الناظرين معارفهم وقراباتهم وخلطائهم فيقول المطلع لبعضهم أنت فلان وأنت فلانة فتدمع عينه ويؤمي برأسه أو بفمه بلى أو نعم فما زالوا كذلك ثلاثة أيّام ثمّ بعث الله تعالى مطراً وريحاً فجرفهم الى البحر وما بقي مسخ بعد ثلاثة أيّام وإنّما الذين ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباهها لا هي بأعيانها ولا من نسلها.
والقمّيّ والعيّاشيّ عن الباقر عليه السلام قال : وجدنا في كتاب عليّ عليه السلام : أن قوماً من أهل أيْلَة من قوم ثمود وانّ الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك فشرعت إليهم يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنّهارهم وسواقيهم فبادروا إليها فأخذوا يصطادونها فلبثوا في ذلك ما شاء الله لا ينهاهم عنها الأحبار ولا يمنعهم العلماء من صيدها ثمّ ان الشيطان أوحى الى طائفة منهم انما نهيتم عن أكلها يوم السبت ولم تنهوا عن صيدها فاصطادوها يوم السبت وكلوها فيما سوى ذلك من الأيّام فقالت طائفة منهم الآن نصطادها فعتت وانحازت طائفة اخرى منها ذات اليمين فقالوا ننهاكم عن عقوبة الله أن تتعرضوا بخلاف أمره واعتزلت طائفة منهم ذات الشمال وسكتت فلم يتعظهم فقالت للطائفة التي وعظتهم لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً فقالت الطائفة التي وعظتهم مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ
__________________
(١) وَبَق كوعد ووجل وورث وبوقاً وموبقاً هلك كاستوبق وكمجلس المهلك.