وفي رواية أنّ النار أحاطت بموسى عليه السلام : لئلّا يهرب لهول ما رأى وقال لمّا خَرَّ مُوسى صَعِقاً مات فلمّا أن ردّ الله روحه أفاق ف قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ.
والقمّيّ : في قوله وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ قال فرفع الله الحجاب ونظر إلى الجَبَل فساخ (١) الجبل في البحر فهو يهوي حتّى الساعة ونزلت الملائكة وفتحت أبواب السماء فأوحى الله إلى الملائكة أدركوا موسى لا يهرب فنزلت الملائكة وأحاطت بموسى وقالوا اثبت يا ابن عمران فقد سألت الله عظيماً فلما نظر موسى إلى الجبل قد ساخ والملائكة قد نزلت وقع على وجهه من خشية الله وهول ما رأى فرد الله عليه روحه فرفع رأسه وأفاق وقالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي أوّل من صدّق أنّك لا ترى.
وفي البصائر عن الصادق عليه السلام : أن الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الأوّل جعلهم الله خَلْف العرش لو قسّم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم ثمّ قال إنّ موسى عليه السلام لمّا سأل ربّه ما سأل أمر واحداً مِنَ الكروبيين فتجلى للجَبَل وجَعَلَهُ دَكًّا قال في الجوامع وقيل في الآية وجه آخر وهو أن يكون المراد بقوله أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ عرفني نفسك تعريفاً واضحاً جَليّاً بإظهار بعض آيات الآخرة التي تضطر الخلق الى معرفتك أَنْظُرْ إِلَيْكَ أعرفك معرفة ضرورية كأنّي أنظر إليك كما جاء في الحديث : سترون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر بمعنى ستعرفونه معرفة جليّة هو في الجلاء مثل أبصاركم القمر إذا امتلى واستوى بدراً قالَ لَنْ تَرانِي لن تطيق معرفتي على هذه الطريقة ولن تحتمل قوّتك تلك الآية وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فانّي أورد عليه آية من تلك الآيات فان ثبت لتجلّيها واسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تثبت بها وتطيقها فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ فلما ظهرت لِلْجَبَلِ آية من آيات ربّه جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً لعظم ما رأى فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ مما اقترحت وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بعظمتك وجلالك.
أقول : تحقيق القول في رؤية الله سبحانه ما أفاده مولانا أمير المؤمنين عليه
__________________
(١) ساخت قوائمه في الأرض تسوخ سوخاً وتسيخ سيخاً من باب قال وباع دخلت فيها وغابت وساخت فرسي غاصت في الأرض وساخت بهم الأرض بالوجهين خسفت ويعدى بالهمزة فيقال اساخه الله م.