الحائض والجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين فان الله تعالى يقول وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا قال بعض البارعين في علم البلاغة من أصحابنا في كتاب الفه في الصناعات البديعة عند ذكر الاستخدام بعد ما عرفه بأنّه عبارة من أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين مقرونة بقرينتين يستخدم كل قرينة منهما معنىً من معنيي تلك اللفظة قال وفي الآية الكريمة قد استخدم سبحانه لفظة الصلاة لمعنيين أحدهما إقامة الصلاة بقرينة قوله عزّ وجلّ حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ والآخر موضع الصلاة بقرينة قوله جل ثناؤه وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ.
أقول : هذا هو الصواب وهو الموافق لما رويناه من الأخبار في هذا الباب كما دريت لا ما تكلفته العامّة تارة بأن المراد بالصلاة في صدر هذه الآية مواضعها وهي المساجد بقرينة عابِرِي سَبِيلٍ ، واخرى بأن المراد بعابري سبيل حالة السفر وذلك إذا لم يجد الماء وتيمم بقرينة حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى قيل يعني مريضاً يخاف على نفسه باستعمال الماء والوصول إليه.
أقول : لا حاجة إلى هذا التقييد لأن قوله تعالى فَلَمْ تَجِدُوا ماءً متعلق بالجمل الأربع وهو يشمل عدم التمكن من استعماله لأن الممنوع منه كالمفقود وكذلك تقييد السفر بعدم وجدان الماء وهما مستفادان من النصوص المعصومية أيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ أي متلبسين به إذ الغالب فقدان الماء في أكثر الصحارى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ كناية عن الحدث إذ الغائط المكان المنخفظ من الأرض كانوا يقصدون للحدث مكاناً منخفضاً تغيب فيه أشخاصهم عن الرائي أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ كناية عن الجماع كذا في المجمع عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه ..
وفي الكافي والعيّاشيّ عن الصادق عليه السلام قال : هو الجماع ولكن الله ستير يحب الستر ولم يسم كما يسمون.
وعن الباقر عليه السلام : ما يعني بهذا أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ إلا المواقعة في الفرج ، وفي رواية أخرى في الكافي : ان الله حي كريم يعبر عن مباشرة النساء بملامستهن فَلَمْ تَجِدُوا ماءً بأن تفقدوه أو لم تتمكنوا من استعماله كما سبق فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً