عياله لهلك الناس إذاً وينبغي أن يحمل اختلاف الروايات على اختلاف الناس في جهات الاستطاعة ودرجات التوكل ومراتب القوّة والضعف ان الإنسان على نفسه بصيرة وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ قيل وضع كفر موضع لم يحج تأكيداً لوجوبه وتغليظاً على تاركه.
وفي الفقيه وفي وصية النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم لعليّ عليه السلام : يا علي تارك الحجّ وهو مستطيع كافر قال الله تعالى وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ يا عليّ من سوّف الحجّ حتّى يموت بعثه الله يوم القيامة يهودياً أو نصرانياً.
وفي الكافي والتهذيب عن الصادق عليه السلام : من مات ومن لم يحج حجة الإسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحجّ أو سلطان يمنعه فليمت يهودياً أو نصرانياً.
وفي التهذيب عنه عليه السلام : في قوله تعالى وَمَنْ كَفَرَ قال يعني من ترك.
وعن الكاظم عليه السلام وقد سأله أخوه عليٌّ : من لم يحج منا فقد كفر قال لا ولكن من قال ليس هذا هكذا فقد كفر.
أقول : وذلك لأن الكفر يرجع إلى الإعتقاد دون العمل فقوله تعالى وَمَنْ كَفَرَ أي ومن لم يعتقد فرضه أو لم يبال بتركه فان عدم المبالاة يرجع إلى عدم الإعتقاد.
والعيّاشيّ عنه عليه السلام قال : هو كفر (١) النعم وقال يعني من ترك. وروي : انه لما نزل صدر الآية جمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم أرباب الملل فخطبهم وقال ان الله كتب عليكم الحجّ فحجّوا فآمنت به ملّة واحدة وكفرت خمس ملل فنزلت وَمَنْ كَفَرَ قيل وقد أكّد أمر الحجّ في هذه الآية من وجوه الدلالة على وجوبه بصيغة الخبر وإبرازه في صورة الاسمية وإيراده على
__________________
(١) لأن امتثال أمر الله شكر لنعمته وترك المأمور به كفر لنعمته (مجمع)