عليه السلام : كلما أضر به الصوم فالإفطار له واجب. واما حدّ السفر الذي يفطر فيه فقصد ثمانية فراسخ فصاعداً ذهاباً أو مع الإياب ما لم ينقطع سفره دونها بعزم إقامة عشرة أيّام أو مضي ثلاثين يوماً عليه متردداً في بلد أو بالوصول إلى بلد يكون له فيه منزل يقيم فيه ستة أشهر فان انقطع بأحدها فقد صار سفرين بينهما حضور وأن لا يكون السفر عمله إلّا إذا جدّ به السير وشق عليه مشقّة شديدة وأن يكون السفر جائزاً له وأن يتوارى عن جدران البلد أو يخفى عليه أذانه هذا ما استفدناه من أخبار أئمتنا عليهم السلام في شرائط السفر الموجب للإفطار في الصيام والتقصير في الصلاة وبينّاه في كتابنا المسمى بالوافي من أراد الاطلاع عليه فليراجع إليه.
وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ إن أفطروا فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ في الجوامع عن الباقر عليه السلام : طعام مساكين وقرأ به قيل كان القادر على الصيام الذي لا عذر له مخيراً بينه وبين الفدية لكل يوم نصف صاع وقيل مد وكان ذلك في بدو الإسلام حين فرض عليهم الصيام ولم يتعودوا فرخص لهم في الإفطار والفدية ثمّ نسخ ذلك بقوله عز وجل فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وقيل إنّه غير منسوخ بل المراد بذلك الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن والشيخ والشيخة فانه لما ذكر المرض المسقط للفرض وكان هناك أسباب أُخر ليست بمرض عرفاً لكن يشق معها الصوم وذكر حكمها فيكون تقديره وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ ثم عرض لهم ما يمنع الطاقة فِدْيَةٌ وهذا هو المروي عن الصادق عليه السلام ويؤيده ما ورد في شواذ القراءة عن ابن عبّاس وَعَلَى الَّذِينَ يُطًيٍقُونَهُ أي يتكلّفونه وعلى هذا يكون قوله وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ كلاماً مستأنفاً لا تعلق له بما قبله وتقديره وإن صومكم خير عظيم لكم هذا ما قالوا في معنى الآية ويخطر بالبال أنّه لا حاجة بنا إلى مثل هذه التكلفات البعيدة من القول بالنسخ تارة مع دلالة الأخبار المعصومية على خلافه والتزام الحذف والتقدير وفصل ما ظاهره الوصل اخرى مع عدم ثبوت تلك الروايات المشار إليها وذلك لأن الله سبحانه لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها كما قاله في محكم كتابه والوسع دون الطاقة كما ورد في تفسيره عن أهل البيت عليهم السلام فلا تكلف نفس بما هو على قدر طاقتها أي بما يشق عليها تحمله عادة ويعسر فالذين يطيقون الصوم يعني يكون الصوم بقدر طاقتهم ويكونون معه على