لا من عند تدينهم وميلهم إلى الحق أو حسداً بالغاً منبعثاً من أصل أنفسهم مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُ بالمعجزات الدالات على صدق محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم وفضل علي وآلهما عليهم السلام قيل وبالنعوت المذكورة في التوراة فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا عن جهلهم وقابلوهم بحجج الله وادفعوا بها أباطيلهم قيل العفو ترك عقوبة الذنب والصفح ترك تثريبه حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ فيهم بالقتل يوم فتح مكّة إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.
(١١٠) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ قيل عطف على فَاعْفُوا كأنّه أمرهم بالصبر والمخالفة واللجأ إلى الله بالعبادة والبر وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ كصلاة ومال تنفقونه في طاعة الله أو جاه تبذلونه لإخوانكم المؤمنين تجرّون به إليهم المنافع وتدفعون به المضار تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ تجد ثوابه تحط به سيئاتكم وتضاعف به حسناتكم وترفع به درجاتكم إِنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ عالم ليس يخفى عليه ظاهر فعل ولا باطن ضمير على حسب اعتقاداتكم ونيّاتكم.
(١١١) وَقالُوا يعني اليهود والنصارى قالت الْيَهُودُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً (١) أي يهودياً أَوْ نَصارى يعني وقالت النصارى لن يدخل الجنة الا من كان نصرانياً تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ التي يتمنونها بلا حجّة قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ حجتكم على مقالتكم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعواكم.
(١١٢) بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ لما سمع الحق وبرهانه وَهُوَ مُحْسِنٌ في عمله لله فَلَهُ أَجْرُهُ ثوابه عِنْدَ رَبِّهِ يوم الفصل والقضاء وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ حين يخاف الكافرون مما يشاهدونه من العقاب وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ عند الموت لأن البشارة بالجنان تأتيهم.
(١١٣) وَقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ من الدين بل دينهم باطل وكفر وَقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ من الدين بل دينهم باطل وكفر لأن كلًّا
__________________
(١) في هود ثلاثة أقوال أحدها أنّه جمع هائد كعائد وعود وعائط وعوط وهو جمع للمؤنث والمذكر على لفظ واحد والهائد التائب الراجع إلى الحق وثانيها أن يكون مصدراً يصلح للواحد والجمع كما يقال رجل فطر وقوم فطر رجل صوم وقوم صوم وثالثها أن يكون معناه الا من كان يهوداً فحذفت الياء الزائدة «مجمع».