كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت.
وعنه عن أبيه في حديث قال : واما الزهرة فإنها كانت امرأة تسمى ناهيل وهي التي تقول الناس انه افتتن بها هاروت وماروت.
أقول : في نسبة افتتانهما إلى قول الناس دليل على ما قلناه من انها من المرموزات ، وأمّا حلّها فلعل المراد بالملكين الروح والقلب فإنهما من العالم الروحاني اهبطا إلى العالم الجسماني لاقامة الحق فافتتنا بزهرة الحياة الدنيا ووقعا في شبكة الشهوة فشربا خمر الغفلة وعبدا صنم الهواء وقتلا عقلهما الناصح لهما بمنع تغذيته بالعلم والتقوى ومحو اثر نصحه عن أنفسهما تهيّئا للزنا ببغي الدنيا الدنية التي تلي تربية النشاط والطرب فيها الكوكب المسمى بزهرة فهربت الدنيا منهما وفاتتهما لما كان من عاداتها أن تهرب من طالبيها لأنّها متاع الغرور وبقي اشراق حسنها في موضع مرتفع بحيث لا تنالها أيدي طلابها ما دامت الزهرة باقية في السماء وحملهما حبها في قلبهما إلى أن وضعا طرائق من السحر وهو ما لطف مأخذه وذق فخيرا للتخلص منها فاختارا بعد التنبه وعود العقل إليهما أهون العذابين ثمّ رفعا إلى البرزخ معذّبين ورأسهما بعد إلى أسفل إلى يوم القيامة هذا ما خطر بالبال في حل هذا الرمز واما حل بقية اجزائه التي في رواية أبي الطفيل فموكول إلى بصيرة ذوي البصائر وقيل بل هو إشارة إلى أن الشخص العالم الكامل المقرّب من حظائر القدس قد يوكل إلى نفسه الغرّارة ولا يلحقه العناية والتوفيق فينبذ علمه وراء ظهره ويقبل على مشتهياته الحسّية الخسيسة ويطوي كشحه عن اللّذات الحقيقية والمراتب العليّة فينحطّ إلى أسفل السّافلين والشخص الناقص الجاهل المنغمس في الأوزار قد يختلط بذلك الشخص العالم قاصداً بذلك الفساد والفحشاء فيدركه توفيق إلهي فيستفيد من ذلك العالم ما يضرب بسببه صفحاً عن ادناس دار الغرور وأرجاس عالم الزور ويرتفع ببركة ما تعلّمه عن حضيض الجهل والخسران إلى أوج العز والعرفان فيصير المتعلّم في أرفع درج العلاء والمعلّم في أسفل درك الشقاء.
أقول : هذا الحل غير منطبق على الرمز بتمام أجزائه.