تصلان الآن إلي وقد اطّلع هذا الرجل علينا وعرف مكانكما وهو لا محالة يخبر بخبركما فبادرا واقتلاه قبل أن يفضحنا جميعاً ثمّ دونكما فاقضيا وطركما مطمئنين آمنين فأسرعا إلى الرجل فأدركاه وقتلاه ثمّ رجعا إليها فلم يرياها وبدت لهما سوءاتهما ونزع عنهما رياشهما واسقطا في أيديهما ، وسمعا هاتفاً : إنكما هبطتما إلى الأرض بين البشر من خلق الله تعالى ساعة من النهار فَعَصَيتما بأربع من كبائر المعاصي وقد نهاكما عنها وقدم إليكما فيها ولم تراقباه ولا استحييتما منه وقد كنتما أشدّ من نقم على اهل الأرض المعاصي واسجر غضبه عليهم ولما جعل فيكما من طبع خلقه البشري وكان عصمكم من المعاصي كيف رأيتم موضع خذلانه فيكم قال وكان قلبهما في حب تلك المرأة ان وضعا طرائق من السحر ما تداوله أهل تلك الناحية.
قال الإمام عليه السلام : فخيرهما الله عزّ وجلّ بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فقال أحدهما لصاحبه نتمتع من شهوات الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الآخرة فقال الآخر : ان عذاب الدنيا له انقطاع وعذاب الآخرة لا انقطاع له وليس حقيق بنا أن نختار عذاب الآخرة الشديد الدائم على عذاب الدنيا المنقطع الفاني قال : فاختارا عذاب الدنيا وكانا يعلمان الناس السحر بأرض بابل ثمّ لما علّما الناس السحر رفعا من الأرض إلى الهواء فهما معذبان منكّسان معلّقان في الهواء إلى يوم القيامة.
والعيّاشيّ عن أبي الطفيل قال : كنت في مسجد الكوفة فسمعت علياً وهو على المنبر فناداه ابن الكوّا وهو في مؤخر المسجد فقال : يا أمير المؤمنين عليه السلام ما الهدى؟ قال : لعنك الله أولم تسمعه؟ ما الهدى تريد ولكن العمى تريد.
ثمّ قال عليه السلام : ادن فدنا منه فسأله عن أشياء فأخبره فقال : أخبرني عن هذه الكوكبة الحمراء يعني الزهرة قال : إن الله اطلع ملائكته على خلقه وهم على معصية من معاصيه فقال الملكان هاروت وماروت هؤلاء الذين خلقت آباءهم بيدك وأسجدت له ملائكتك يعصونك قال فلعلكم لو ابتليتم بمثل الذي ابتليتم به عصيتموني كما عصوني قالا : لا وعزّتك قال : فابتلاهم بمثل الذي ابتلي به