المتعلمون لذلك بضائرين به من احد إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ يعني بتخلية الله وعلمه فانه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ لأنهم إذا تعلموا ذلك السِّحر ليسحروا به ويضرّوا فقد تعلّموا ما يضرّهم في دينهم ولا ينفعهم فيه بل ينسلخون عن دين الله بذلك وَلَقَدْ عَلِمُوا علم هؤلاء المتعلمون لَمَنِ اشْتَراهُ بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ من نصيب في ثواب الجنة.
وفي العيون عن الصادق عليه السلام : لأنّهم يعتقدون أن لا آخرة فهم يعتقدون أنّها إذا لم تكن فلا خلاق لهم في دار الآخرة بعد الدنيا وإن كانت بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها.
وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ رهنوها بالعذاب لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ انهم قد باعوا الآخرة وتركوا نصيبهم من الجنة لأن المتعلمين لهذا السحر هم الذين يعتقدون ان لا رسول ولا إله ولا بعث ولا نشور.
(١٠٣) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ (١) مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ قال الراوي : قلت لأبي محمّد عليه السلام فان قوماً عندنا يزعمون أن هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملائكة لمّا كثر عصيان بني آدم وانزلهما الله مع ثالث لهما إلى الدنيا وانهما افتتنا بالزهرة وأرادا الزنا بها وشربا الخمر وقتلا النفس المحرمة وأن الله تعالى يعذبهما ببابل وان السحرة منهما يتعلمون السحر وان الله مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة فقال الإمام معاذ الله عن ذلك ان ملائكة الله معصومون محفوظون عن الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى قال الله عزّ وجلّ فيهم : لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ وقال : وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ. يعني الملائكة لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ ، وقال في الملائكة أيضاً بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ إلى قوله مُشْفِقُونَ.
__________________
(١) المثوبة والثواب والأجر نظائر ونقيض المثوبة العقوبة يقال ثاب يثوب ثوباً وثواباً واثابة إثابة وثواباً ومثوبة والأصل في الثواب ما رجع إليك من شيء م.