إليك اليوم فرأيناك ضاحكاً مستبشراً فقال : نعم كان قد بقي عندي من فيء المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسّمتها وخفت ان يدركني الموت وهي عندي وقد قسّمتها اليوم فاسترحت. ونظر عثمان إلى كعب الأحبار فقال له : يا أبا اسحق ما تقول في رجل أدّى زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيها بعد ذلك فقال لا ولو اتّخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شيء فرفع أبو ذرّ عصاه فضرب بها رأس كعب وقال : يا بن اليهودية المشركة ما أنت والنظر في احكام المسلمين قول الله عزّ وجلّ اصدق من قولك حيث قال : الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إلى قوله فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ قال عثمان : يا أبا ذرّ إنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك ولو لا صحبتك لرسول الله لقتلتك. فقال : كذبت يا عثمان ويلك أخبرني حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فقال : لا يفتنونك يا أبا ذرّ ولا يقتلونك اما عقلي فقد بقي منه ما اذكرني حديثاً سمعته من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم قاله فيك وفي قومك قال : وما سمعت من رسول الله فيّ وفي قومي قال سمعته يقول : وهو قوله صلّى الله عليه وآله وسلم إذا بلغ آل أبي العاص ثلاثين رجلاً صيّروا مال الله دولاً (١) وكتاب الله دَغَلاً (٢) وعباد الله خولاً (٣) والصّالحين حرباً والفاسقين حزباً. قال عثمان : يا معشر أصحاب محمّد هل سمع أحد منكم هذا الحديث من رسول الله؟ قالوا : لا ما سمعنا هذا من رسول الله فقال عثمان ادعوا علياً عليه السلام فجاءه أمير المؤمنين فقال له عثمان : با أبا الحسن اسمع ما يقول هذا الشيخ الكذّاب فقال أمير المؤمنين : مَه يا عثمان لا تقل كذّاب فإنّي سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذرّ قال أصحاب رسول الله : صدق علي سمعنا هذا القول من رسول الله صلّى الله عليه وآله فعند ذلك بكى أبو ذرّ وقال ويلكم كلكم
__________________
(١) الدولة بالضم في المال يقال صار الفيء دولة بينهم يتداولونه يكون مرة لهذا ومرة لهذا والجمع دولات ودول صحاح.
(٢) الدغل بالتحريك الفساد مثل الدخل يقال قد أدغل في الأمر إذا أدخل فيه ما يخالفه ويفسده. ص.
(٣) الخول بالتحريك ما أعطاك الله من النعم والعبيد والإماء وغيرهم. وخول الرجل : حشمه. ص.