به لسانه في سرائره وعلانيته فأولئك هم المؤمنون حقّاً. فانّ المراد بالاسم هاهنا ما يفهم من اللّفظ لا اللّفظ فانّ اللّفظ لا يعبد وبالمعنى ما يصدق عليه اللّفظ فالاسم معنى ذهنيّ والمعنى موجود عيني وهو المسمّى والاسم غير المسمّى لأنّ الإنسان مثلاً في الذِّهن ليس بإنسان ولا له جسميّة ولا حياة ولا حسّ ولا حركة ولا نطق ولا شيء من خواصّ الإنسانية فتدبّر فيه تفهم معنى الحديث ومن الله الإعانة إذا تمهّد هذا فاعلم أنّ لكلّ اسم من أسماء الله الإلهيّة مظهراً من الموجودات باعتبار غلبة ظهور الصّفة التي اشتمل عليها ذلك الاسم فيه وهو اسم باعتبار دلالته على الله من جهة اتّصافه بتلك الصّفة وذلك لأنّ الله سبحانه إنّما يخلق ويدبّر كلّ نوع من أنواع الخلائق باسمٍ من أسمائه وذلك الاسم هو ربّ ذلك النّوع والله سبحانه ربّ الأرباب.
وإلى هذا أُشير في كلام أهل البيت عليهم السلام في أدعيتهم عليهم السلام بقولهم : وبالاسم الذي خلقت به العرش وبالاسم الذي خلقت به الكرسيّ وبالاسم الذي خلقت به الأرواح. إلى غير ذلك من هذا النّمط ، وعن مولانا الصادق عليه السلام : نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلّا بمعرفتنا. وذلك لأنّهم عليهم السلام وسائل معرفة ذاته ووسائط ظهور صفاته وأرباب أنواع مخلوقاته ولا يحصل لأحد العلم بالأسماء كلّها إلّا إذا كان مظهراً لها كلّها ولا يكون مظهراً لها كلّها إلّا إذا كان في جبلّته استعداد قبول ذلك كلّه وهو ما ذكرناه فافهم ترشد إن شاء الله.
ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ :
أقول : أي عرض أشباح المخلوقات فرداً فرداً في عالم الملكوت المسمّى عند قوم بعالم الرّوحانيّات المدلول عليها بذكر الأسماء إذ هي مظاهر الأسماء كلّها أو بعضها ولهذا أورد بضمير ذوي العقول لأنّهم كلّهم ذوو عقل ، وفي الرّواية الأخيرة أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلّة وهو صريح فيما قلناه.
فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ :