(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)(٧).
(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ) عليكم (عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ) دون أن تعاهدوهم ، وليس لهم مبدء صالح يلزمهم على عهد صالح لصالح المسلمين ، اللهم (إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) حاسبين حسابكم في معاهدتهم ، وهنا (فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ) في تلك المعاهدة (فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) معاملة بالمثل عادلة ، قضية تطبيق المعاهدة الإسلامية السليمة (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) إياه عن أية تخلفة في معاهدة وسواها ، فلا يحب ـ إذا ـ الناقضين عهودهم وإن مع المشركين القائمين بشروطات المعاهدة ، المستقيمين لكم فيها.
فحين يعهد المشركون لكم عهدا أنتم غير قابليه فلا عهد لهم عند الله وعند رسوله ، فضلا عما لا يعهدون ، وأما إذا عاهدتموهم (عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أم سواه ، فاستقيموا لهم ما استقاموا (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) وهنا ضمير الجمع راجع إلى «المشركين» دون خصوص (الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) لأن (فَمَا اسْتَقامُوا) ضابطة لا تنحصر في الآخرين ، وأن الأولين هم ركن الكلام.
وغير صحيح أن غيرهم إذا استقاموا لم تجب الاستقامة لهم لأن معاهدتكم إياهم ليست عند المسجد الحرام ، فلا أن صالح المعاهدة يختص بالمسجد الحرام ، ولا أن رعاية العدالة خاصة بهؤلاء المعاهدين في ذلك المكان الخاص ، وهنا المقصود صلح الحديبية فقد عنى المسجد الحرام كله.
ذلك ومن قبل (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ) يسلب الاستقامة لعهدهم حين لا يستقيمون ، ثم يفرضها حين يستقيمون كالذين عاهدتم عند المسجد الحرام ، فالعهد المستقيم لزامه الاستقامة قدرها دون حول عنها أيا كان ومن أي كان.