فليس ـ فقط ـ لأنهم أميون (أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) وهم لا يتقون ، (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) ولست أنت فيهم ولا هم يستغفرون الله «وهم» على كفرهم وتكذيبهم بآيات الله (يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) دونما حق يحق لهم ذلك الصد.
ذلك! «و» الحال أنهم (ما كانُوا أَوْلِياءَهُ) الله ، ولا كانوا أولياء المسجد الحرام من قبل الله (إِنْ أَوْلِياؤُهُ) : الله ، والمسجد الحرام (إِلَّا الْمُتَّقُونَ) فإنما لأولياء الله وأولياء المسجد الحرام من أولياء الله أن يصدوا من سواهم عن المسجد الحرام ، ف (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا) (٩ : ٢٨).
فالصادّون عن المسجد الحرام ، المشركون بالله ، هم أصول الفتنة ضد الموحدين وشرعة التوحيد ، فلا يسمح لهم بذلك الصدّ ، بل ويعذبهم الله بأيدي المؤمنين حربا كما يعذبهم بما يشاء كيف يشاء حفاظا على العاصمة التوحيدية عن ذلك الصد الظالم الغاشم.
ذلك (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أنهم (ما كانُوا أَوْلِياءَهُ) و «لا يعلمون» أنهم معذبون و (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ).
أجل ، «ألا إن أولياء الله هم الذين نظروا إلى باطن الدنيا إذا نظر الناس إلى ظاهرها واشتغلوا بآجلها إذا اشتغل الناس بعاجلها ، فأماتوا منها ما خشوا أن يميتهم ، وتركوا منها ما علموا انه سيتركهم ، ورأوا استكثار غيرهم منها استقلالا ، ودركهم لها فوتا ، أعداء ما سالم الناس ، وسلم ما عادى الناس ، بهم علم الكتاب وبه علموا ، وبهم قام الكتاب وبه قاموا ، لا يرون مرجوا فوق ما يرجون ، ولا مخوفا فوق ما يخافون» (الحكمة ٤٢٢).
ذلك ، وحين يصد اعداء الله أولياءه عن المسجد الحرام ، فما هم فيه فاعلون؟
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ)(٣٥).
تلك اللعينة هي صلاتهم بالله إشراكا به ، وبأهل الله صدا عن المسجد الحرام كفرا به ، وهذه صلاتهم عند البيت (مُكاءً وَتَصْدِيَةً) تصغيرا